محاضرات قانون المسطرة المدنية
- تمهيد:
أولا: تعريف قانون المسطرة المدنية
- قانون المسطرة المدنية: هو جزء من المدلول العام للقانون القضائي الخاص الذي
يضم إلى جانب قانون المسطرة المدنية قانون التنظيم القضائي.
- القانون القضائي الخاص: يعتبر قانون المسطرة المدنية جزء منه وهو يعنى
بدراسة المبادئ العامة للمسطرة والتنظيم القضائي والاختصاص والإجراءات
التحفظية وطرق التنفيذ والتسوية الجماعية للديون إضافة إلى مادتي التحكيم
والوساطة.
- قانون المسطرة المدنية: يعنى بإجراءات رفع الدعوى وشروطها تم مفهوم الأحكام
وقواعد إصدارها وتنفيذها وتبليغها وأثارها وطرق الطعن فيها هذا إلى جانب
إجراءات الحجوز سواء تعلق الأمر بالحجز التحفظي أو الحجز التنفيذي أو الحجز
لدى الغير أو الحجز الإرتهاني أو الحجز الإستحقاقي.
ثانيا: أهمية دراسة مادة المسطرة المدنية (مميزات قانون المسطرة المدنية)
1 - يتميز قانون المسطرة المدنية بميزة ينفرد بها عن باقي القوانين فهو القاطرة التي
تجر عربات مختلف القوانين الموضوعية (كقانون الشغل والقانون العقاري والقانون
التجاري... ) والإجرائية ويقصد بالقوانين الإجرائية تلك القوانين التي توجد داخل
القوانين الموضوعية أي أن القوانين الموضوعية تتضمن قواعد إجرائية.
2 - يتميز قانون المسطرة المدنية كذلك بأنها تمكن المتقاضين من الحماية القضائية
وذلك من خلال تبيان وتوضيح كيفية رفع الدعوى أمام القضاء وتبيان إجراءات
سير الدعوى وكذلك تبيان قواعد البت والفصل في الدعوى من قبل المحاكم تم تبيان
قواعد إصدار الحكم وتنفيذه وتبليغه وأثاره وطرق الطعن فيه.
3 - قواعد قانون المسطرة المدنية قواعد إجرائية عامة وهو أقدم القوانين الإجرائية
لذلك يطلق عليه الكثير من الفقه والقضاء بأنه المسطرة الأم أو الشريعة الإجرائية
العامة للقوانين الإجرائية الأخرى فقواعده واجبة التطبيق في ميدان قانون الشغل
وقانون الأسرة والقانون العقاري والقانون التجاري والقانون الإداري...
4-قانون المسطرة المدنية هو قانون إجرائي عام بالنسبة للمادة الشغلية والمثال على
دلك المادة 383 من مدونة الشغل التي ورد فيها "يستفيد الأجراء الذين يشغلهم
مقاول أو من رست عليه صفقات إنجاز أشغال عمومية من الامتياز الخاص المقرر
في الفصل 490 من قانون المسطرة المدنية..."
5- قانون المسطرة المدنية هو قانون إجرائي عام بالنسبة للمادة الأسرية والمثال على
ذلك المادة 812 من مدونة الأسرة التي ورد فيها "المقررات القضائية الصادرة
بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ طبقا لأحكام هذا الكتاب، تكون غير قابلة لأي طعن في
جزئها القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية.
الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ،
تكون قابلة للتنفيذ إذا صدرت عن محكمة مختصة وأسست على أسباب لا تتنافى مع
التي قررتها هذه المدونة، لإنهاء العلاقة الزوجية، وكذا العقود المبرمة بالخارج أمام
الضباط والموظفين العموميين المختصين، بعد استيفاء الإجراءات القانونية بالتذييل
بالصيغة التنفيذية، طبقا لأحكام المواد 430 و 431 و 432 من قانون المسطرة
المدنية"
6- قانون المسطرة المدنية هو قانون إجرائي عام بالنسبة لمادة التحفيظ العقاري
والمثال على دلك الفصل 41 من القانون رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري
الذي جاء فيه "... يمكن رفع طلب الاستيناف على الكيفية المذكورة في الفصل 141
من قانون المسطرة المدنية..." والفصل 47 من نفس القانون الذي جاء فيه "يبلغ
القرار الاستينافي وفق الكيفية المقررة في قانون المسطرة المدنية ويمكن الطعن فيه
بالنقض داخل الأجل المحدد في نفس القانون"
7- قانون المسطرة المدنية هو قانون إجرائي عام بالنسبة للمادة التجارية والمثال على
دلك المادة 19 من القانون رقم 53.95 المتعلق بالمحاكم التجارية والتي ورد فيها
"تطبق أحكام المواد 13 و 14 و 15 و 16 و 17 من هذا القانون أمام محكمة
الاستيناف التجارية.
كما تطبق أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستيناف التجارية القواعد المقررة في
قانون المسطرة المدنية ما لم ينص على خلاف ذلك"
8- قانون المسطرة المدنية هو قانون إجرائي عام بالنسبة للمادة الإدارية والمثال على
دلك المادة 7 من القانون رقم 41.90 المتعلق بالمحاكم الإدارية التي جاء فيها
"تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص
قانون على خلاف ذلك"
9- قانون المسطرة المدنية هو قانون إجرائي عام بالنسبة للمادة الجنائية لكن شريطة
الإحالة على قواعد قانون المسطرة المدنية من قبل قواعد قانون المسطرة الجنائية
سواء تمت هذه الإحالة يشكل صريح أو بشكل ضمني غير أنه هناك من الفقه
والباحثين من يرى أنه في حالة عدم وجود قاعدة في قانون المسطرة الجنائية
وسكوت المشرع يجب الرجوع إلى المسطرة الأم أي قانون المسطرة المدنية لكن
مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المادة الجنائية.
10- قواعد قانون المسطرة المدنية من قبيل النظام العام تتمتع بالصفة الأمرة بحيث لا
يمكن الاتفاق على مخالفتها مبدئيا إذا تعلق الأمر بقواعد إجرائية معينة تتعلق
بالمصلحة العامة وحسن سير المرفق العمومي أما إدا كانت القواعد الإجرائية
الواردة في قانون المسطرة المدنية تتعلق بالمصالح الخاصة للمتقاضين فإنها لا
تعتبر من قبيل النظام العام وبالتالي ليست بقواعد أمرة ويمكن الاتفاق على مخالفتها.
11- قواعد قانون المسطرة المدنية هي قواعد شكلية فقانون المسطرة المدنية هو
قانون شكلي بمعنى أنه قانون إجرائي ولكن هذا لا يمنع من كون قانون المسطرة
المدنية يتضمن قواعد موضوعية كما هو الشأن بالنسبة القوانين الموضوعية التي
تتضمن قواعد موضوعية ويمكن أن تتضمن قواعد إجرائية.
ثالثا: خطة الدراسة
القسم الأول: الدعوى والطلبات والدفوع
الباب الأول: الدعوى
الفصل الأول: مفهوم الدعوى
المبحث الأول: تعريف الدعوى وخصائصها
المبحث الثاني: عناصر الدعوى ونتائجها
الفصل الثاني: شروط الدعوى وأنواعها وإجراءاتها
المبحث الأول: شروط الدعوى وأنواعها
المبحث الثاني: إجراءات الدعوى
الباب الثاني: الطلبات والدفوع
الفصل الأول: الطلبات
المبحث الأول: الطلب الأصلي
المبحث الثاني: الطلب العارض
الفصل الثاني: الدفوع
المبحث الأول: الدفوع الشكلية
المبحث الثاني: الدفوع الموضوعية
المبحث الثالث: الدفوع بعدم القبول
القسم الثاني: مفهوم الأحكام وقواعد إصدارها وتنفيذها
وتبليغها وأثارها وطرق الطعن فيها
الباب الأول: مفهوم الأحكام وقواعد إصدارها وتنفيذها
وتبليغها وأثارها
الفصل الأول: مفهوم الأحكام
المبحث الأول: تعريف الأحكام القضائية وتمييزها عن قرارات القضاء
الأخرى
المبحث الثاني: أنواع الأحكام القضائية وعناصرها
الفصل الثاني: قواعد إصدار الأحكام وتنفيذها وتبليغها وأثارها
المبحث الأول: قواعد إصدار الأحكام
المبحث الثاني: تنفيذ الأحكام وتبليغها وأثارها
الباب الثاني: طرق الطعن في الأحكام القضائية
الفصل الأول: طرق الطعن العادية
المبحث الأول: الطعن بالتعرض
المبحث الثاني: الطعن بالاستئناف
الفصل الثاني: طرق الطعن غير العادية
المبحث الأول: الطعن بإعادة النضر
المبحث الثاني: الطعن بتعرض الغير الخارج عن الخصومة
المبحث الثالث: الطعن بالنقض
القسم الثالث: الحجوز
الباب الأول: حجز المنقولات والعقارات
الفصل الأول: الحجز التحفظي
المبحث الأول: شروط الحجز التحفظي
المبحث الثاني: أثار الحجز التحفظي
الفصل الثاني: الحجز التنفيذي
المبحث الأول: إجراءات الحجز التنفيذي وأثاره
المبحث الثاني: الصعوبات في التنفيذ
الباب الثاني: الحجز لدى الغير والحجز الإرتهاني والحجز
الإستحقاقي
الفصل الأول: الحجز لدى الغير
المبحث الأول: إجراءات الحجز لدى الغير
المبحث الثاني: أثار الحجز لدى الغير
الفصل الثاني: الحجز الإرتهاني
المبحث الأول: إجراءات الحجز الارتهاني
المبحث الثاني: أثار الحجز الإرتهاني
الفصل الثالث: الحجز الإستحقاقي
المبحث الأول: إجراءات الحجز الإستحقاقي
المبحث الثاني: أثار الحجز الإستحقاقي
القسم الأول: الدعوى والطلبات والدفوع
الباب الأول: الدعوى
الفصل الأول: مفهوم الدعوى
المبحث الأول: تعريف الدعوى وخصائصها
المطلب الأول: تعريف الدعوى
المشرع المغربي لم يعرف الدعوى كمعظم التشريعات المقارنة ولكن الفقه كعادته
عرف الدعوى، وفي تعريف الدعوى تم الاعتماد على مجموعة من النظريات غير
أنه تم الاعتماد على نظريتين هامتين; هما نظرية التوحيد أو الدمج والنظرية الثانية
هي عكس النظرية الأولى وهي نظرية لا تدمج بل تفصل وهي نظرية الفصل.
الفقرة الأولى: نظرية الدمج أو التوحيد
أصحاب هده النظرية في تعريفهم للدعوى فهم لا يفصلون بين الدعوى والحق فهم
يخلطون بين الدعوى والحق حيت يرون أن الدعوى هي الحق نفسه ويعتمدون في
ذلك على مجموعة من الأسانيد وهي كالاتي:
- لا يوجد حق إلا وتوجد معه دعوى تحميه والعكس صحيح فيرون أن الدعوى
عنصر من عناصر الحق والذي يتألف من ثلاثة عناصر وهم صاحب الحق ومحل
الحق تم الحماية القانونية للحق أي الدعوى.
- لا يمكن تصور عدة دعاوى في الحق الواحد للدفاع عنه بمعنى أن الحق له دعوى
واحدة تحميه، فالدعوى والحق يولدان معا ويزولان معا.
- الشخص المدعي الذي ترفض المحكمة دعواه في الجوهر فإنه لا يستطيع المطالبة
ثانية بنفس الحق لأنهم يرون أنه ليس لهذا الحق سوى دعوى واحدة.
- الدعوى مصبوغة بصبغة وطبيعة وصفة الحق المدعى به بمعنى حينما نقول أن
الحق يتعلق بحق عيني فإن الدعوى عينية وإذا كان الحق شخصي كانت الدعوى
شخصية.
الفقرة الثانية: نظرية الفصل
أصحاب هذه النظرية يرون أن هناك فرق بين الدعوى والحق الموضوعي
ويعتمدون في ذلك على مجموعة من الأسانيد هي كالاتي:
- الدعوى هي الحق في سماع المحكمة للادعاء بتوفر شروطه وهي الصفة
والمصلحة والأهلية فإدا توفرت هذه الشروط فإنك كصاحب الحق في الادعاء
تستمع إليك المحكمة وإذا انعدمت هذه الشروط أو انعدم أحدها انعدم حق الدعوى
بصرف النظر عن وجود الحق الموضوعي أو عدمه، وهذا صحيح لأنه في كتير من
الأحيان يكون هناك حق موضوعي ولكن ليس لدينا الحق في الادعاء.
-مثال: القاصر ليس لديه حق الادعاء القانوني لانعدام أهليته.
- الدعوى ليس هي الحق فهناك اختلاف كبير بينهما بحيث أن الدعوى مرتبطة
بالجانب الإجرائي وينظمها قانون إجرائي وهو قانون المسطرة المدنية أما الحق فهو
موضوعي وتنظمه قوانين موضوعية.
- إذا قلنا أن الدعوى هي الحق فهذا يعني أن القانون الإجرائي يتبع القانون
الموضوعي وهذا ليس صحيح فهناك فرق بينهما لأن قانون المسطرة المدنية قانون
مستقل ولا يتبع أي قانون وقائع بذاته.
- قد يتوفر الشخص على الحق في رفع الدعوى لأنه تتوفر فيه الشروط المنصوص
عليها في الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية ولكن قد لا يتوفر على حق
موضوعي وبالتالي لا يمكن رفع الدعوى.
- كما يرى هذا الاتجاه أنه يجب ألا نخلط فقط بين الدعوى والحق بل يجب كذلك ألا
نخلط بين الدعوى وحق التقاضي وبين الدعوى والادعاء تم بين الدعوى
والخصومة القضائية.
_ عدم الخلط بين حق الدعوى وحق التقاضي:
الدعوى هي وسيلة قانونية لحماية الحقوق مكفولة لفائدة الأشخاص المتضررون
فحسب، أما حق التقاضي فهو حق معترف به لجميع المواطنين في إطار مبادئ
التنظيم القضائي فحق التقاضي يشمل حق الدعوى وهذا الأخير لا يتوافر إلا لمن
توفرت فيه الشروط المنصوص عليها في الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية
وهكذا فحق التقاضي فهو من الحقوق العامة وهناك من الأساتذة من اعتبر حق
التقاضي من الحقوق الطبيعية أما بالنسبة لحق الدعوى فهو حق خاص يرتبط
بقضية بحد ذاتها.
_ عدم الخلط بين حق الدعوى وحق الادعاء:
الادعاء هو مصطلح عام قد يكون قانوني وقد يكون غير قانوني فإذا كان قانوني
فيكون هو الدعوى وإذا كان غير قانوني فيكون هو الافتراء (الباطل) وهكذا فما
دامت توفرت في المدعي الشروط فيكون ادعائه قانوني ولا يمكن للقضاء رفض
البت في القضية، وللقضاء قبول الدعوى أو رفضها شكلا إما لعدم الاختصاص أو
لتقديمها خارج الأجل.
_ عدم الخلط بين حق الدعوى والخصومة القضائية:
الأستاذ عبد الكريم الطالب يعرف الخصومة القضائية بأنها مجموع الإجراءات التي
تباشر في الدعوى أمام أطراف النزاع وهم المدعي والمدعي عليه والمتدخلين أو
من طرف القاضي أو مساعدي القضاء من خبراء وتراجمه والهدف من هده
الإجراءات هي الحماية القضائية لموضوع الخصومة، وإذا أردنا ان نفرق بين
الدعوى والخصومة القضائية فالدعوى هي وسيلة إجرائية للوصول إلى الحق
وبالنسبة للخصومة فهي تلك الإجراءات التي تباشر داخل الدعوى والفرق بين
الخصومة القضائية والدعوى لا يستقيم لأنه أصلا في القانون المغربي ليس هناك
فرق بين ما يسمى بالخصومة والدعوى وحول الفرق بينهما فهناك اتجاهين ينقسمان
بين من يرى وجود فرق بينهما وهناك من ينفي هذا الفرق كالأستاذ عبد الكريم
الطالب.
_ تعريف الدعوى:
من خلال هذه المقارنة بين الدعوى والمؤسسات المشابهة لها نفهم بأن الدعوى هي
وسيلة قانونية قررها القانون للأشخاص الطبيعية والمعنوية يرجعون إليها عندما
يدعون مساس الغير بحقوقهم أمام القضاء بصفته هو المكلف بالنظر في كل
الدعاوى التي تعرض أمامه بسبب الخلافات التي تنشأ بين الأفراد
المطلب الثاني: خصائص الدعوى
انطلاقا من تعريف الدعوى نجدها تتميز بمجموعة من الخصائص وهي كالاتي:
- الدعوى هي وسيلة قانونية بمعنى أن الأفراد مبدئيا لا يحق لهم انتزاع الحقوق
بأنفسهم حيث يجب اللجوء إلى وسيلة قانونية من أجل الحصول على الحق لأننا في
مجتمع الحق والقانون والسلطة المختصة في فض النزعات هي السلطة القضائية
تفاديا للهمجية والاعتداءات وتفاديا لانتشار الفوضى وتفاديا لعدم الاستقرار في
البلاد وعليه وجد جهاز القضاء من أجل أن يمنح للمواطنين حقوقهم.
- الدعوى ترفع أمام القضاء لأنه الجهاز المختص قانونا بالبت في القضايا ولكن
هذا لا يمنع من اللجوء إلى الهيئات التحكيمية في حالة الاتفاق وفقا لما تقرره
القواعد القانونية.
- الدعوى هي وسيلة اختيارية بمعنى أن صاحب الحق غير مجبر لرفع الدعوى
ولو تحققت جميع شروطها المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية بمعنى أن
الأمر متروك لتقدير المتقاضي.
- الدعاوى ليست من طبيعة واحدة فهي تختلف بحسب طبيعة الحق موضوع
الدعوى فإذا كان الحق موضوع الدعوى عيني تكون الدعوى عينية وإذا كان الحق
شخصي تكون الدعوى شخصية وهذه الخاصية تؤكد لنا بأن الدعوى ليست هي
الحق أي هناك فرق بينهما.
- الدعوى يجب أن يتم ممارستها بحسن نية فإذا كانت ممارسة حق الدعوى لا
ترتب مبدئيا مسؤولية صاحبها، فإن هذه الممارسة مقيدة بعدم الابتعاد عن قواعد
حسن النية وقد نص على هذه القاعدة الفصل الخامس من قانون المسطرة المدنية
الذي ورد فيه "يجب على كل متقاض ممارسة حقوقه طبقا لقواعد حسن النية"
وكدلك الفصل 165 من نفس القانون الذي ورد فيه "إذا رأت المحكمة أن التعرض
أو الاستئناف لم يقصد منهما إلا المماطلة والتسويف وجب عليها أن تحكم على
المدين بغرامة مدنية... "
- يجب الفصل في حدود ما طلب في الدعوى وهذا ما نص عليه الفصل الثالث من
قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه "يجب على المحكمة أن تبت في حدود طلبات
الأطراف ولا يصوغ لها أن تغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات وتبت دائما
طبقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة"
- يجب الفصل في الدعوى فلا يجوز للقاضي الامتناع عن إصدار الحكم في
الدعوى وإلا تبع بتهمة إنكار العدالة وهذا ما نص عليه الفصل الثاني من قانون
المسطرة المدنية الذي جاء فيه "لا يحق للمحكمة الامتناع عن الحكم أو إصدار
قرار. ويجب البت بالحكم في كل قضية رفعت إلى المحكمة..." والقاضي لا يبت
في جوهر القضية فقط وإنما يمكن أن يبت في القضية برفض الدعوى شكلا أو لعدم
الاختصاص.
- يمنع النظر في الدعوى هي في طور الاستئناف أو أمام محكمة النقض من قبل
قاضي سبق له وأن نظر فيها وهذا ما نص عليه الفصل الرابع من قانون المسطرة
المدنية الذي جاء فيه "يمنع على القاضي أن ينضر قضية في طور الاستيناف أو
النقض بعد ما سبق له أن نضر فيها أمام محكمة أدنى درجة".
المبحث الثاني: عناصر الدعوى ونتائج تحديدها
المطلب الأول: عناصر الدعوى
الفقرة الأولى: أشخاص الدعوى
_ أشخاص الدعوى هم أطرافها أي المدعي والمدعى عليه أما القاضي فلا يعتبر
من أشخاص الدعوى.
يمكن رفع الدعوى من طرف المدعي أو وكيله وفي هذه الحالة الأخيرة يظل
الموكل هو الذي يعتبر طرفا في الدعوى أما الوكيل فهو لا يعتبر طرفا في الدعوى
فليس هو المدعي الذي يصدر الحكم لفائدته أو ضده وقد ورد في الفصل 31 من
قانون المسطرة المدنية "ترفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية بمقال مكتوب موقع
عليه من طرف المدعي أو وكيله..."
- سؤال: إذا كان هناك محامي يدافع عن طرف في القضية ووجد نفسه أن تلك
القضية العقارية هو بدوره يملك نصيبا فيها هل يعتبر طرفا في الدعوى؟
في هذه الحالة يصبح المحامي كذلك طرفا في الدعوى
المدعي أو المدعي عليه قد يكون ممثلا في الدعوى بالولي أو الوصي كما هو الشأن
بالنسبة للقاصر ويضل القاصر هو المدعي أو المدعى عليه لأنه هو الذي يصدر
الحكم لفائدته أو ضده، لكن لنفترض أن الولي أو الوصي أو المقدم رفع دعوى
يطالب فيها لحق لنفسه ففي هذه الحالة يصبح طرفا في الدعوى لأن الحكم قد يصدر
لفائدته أو ضده.
القاضي لا يعتبر طرفا في الدعوى وإن كان يبت فيها.
الفقرة الثانية: محل الدعوى
محل الدعوى هو ما يطلبه ويهدف إليه المدعي في ادعائه وهو لا يخرج في الغالب
عن ادعاء حق أو مركز قانوني أو إلزام خصمه بأداء أو فعل معين.
ومحل الدعوى يختلف من دعوى إلى أخرى.
متال: الدعوى التي يرفعها المدعي من أجل حماية حق الملكية ليست هي الدعوى
التي يرفعها المدعي من أجل حماية حق الانتفاع أو الارتفاق فكل حق له دعوى
تحميه إذ أن محل الدعوى يختلف وهذا ما يجعل الدعاوى متنوعة.
الفقرة الثالثة: سبب الدعوى
يقصد بسبب الدعوى تلك الوقائع المادية والقانونية المنتجة التي يتمسك بها المدعي
كأساس لدعواه
- مثال: دعوى المطالبة بالملكية أساسها هو عقد البيع وهي تختلف عن دعوى تقرير
الملكية التي هي أساسها الإرث فأساس هاتين الدعويين يختلف وبالتالي فهما دعويين
مختلفتين لأن سبب الدعوى الأولى يختلف عن سبب الدعوى الثانية.
+ ملاحظة هامة:
سبب الدعوى لا يقصد به القاعدة القانونية التي استند إليها المدعي لأن هذا الأخير
أصلا غير ملزم ببيان القانون الواجب التطبيق وغير ملزم بالتكييف والتطبيق
القانوني لأن هذه المهام موكولة للقاضي وحده.
تغيير الخصوم لتكييف الوقائع لا يؤدي إلى تغيير واختلاف الدعوى والذي يؤدي
إلى اختلاف وتغيير الدعوى هو اختلاف وتغير الوقائع المنتجة في الدعوى بمعنى
لنفترض أن الخصوم غيروا تكييف الوقائع أي ضلت نفس الوقائع ولكن غيروا فقط
التكييف فتارة قدموا تكييف وتارة قدموا تكييف أخر فهذا لا يؤدي إلى تغير الدعوى
والدعوى تضل كما هي فما يؤدي إلى اختلاف وتغيير الدعوى هو تغير الوقائع
المنتجة.
- مثال: شخص رفع دعوى يطالب فيها بالتعويض على أساس قواعد المسؤولية
التقصيرية تم بعد ذلك رفع نفس الدعوى بنفس الوقائع ولكن استند إلى تكييف أخر
باعتماده على القواعد القانونية المنظمة للمسؤولية العقدية فتغييره لتكييف الوقائع لا
يغير الدعوى ولا يؤدي إلى اختلافها وستشكل الدعوى الأولى والدعوى الثانية نفس
الشيء طالما أن الوقائع ضلت هي نفسها رغم أن المدعي غير التكييف القانوني
للوقائع.
عناصر الدعوى المتمثلة في الأشخاص ومحل الدعوى وسبب الدعوى تضل كما
هي وإن قام الخصوم بتغيير تكييف الوقائع وإن ذلك لا يؤدي إلى اختلاف الدعوى
لأن أصل مهمة التكييف هي من اختصاص القاضي.
المطلب الثاني: النتائج المترتبة عن تحديد عناصر الدعوى
النتائج التي تترتب عن تحديد عناصر الدعوى هي عبارة عن قواعد إجرائية التي
يجب احترامها من قبل المتقاضي وكذلك قواعد إجرائية يجب احترامها من طرف
السيد القاضي.
الفقرة الأولى: القواعد الإجرائية الواجبة الاحترام من قبل المتقاضي
يتعلق الأمر بقاعدتين هامتين:
- أولا: لا يجوز للمتقاضي أن يرفع نفس الدعوى بنفس العناصر مرتين أمام نفس
المحكمة أو محكمتين.
بمعنى أن المشرع المغربي لا يجيز أن يتم رفع دعوى قضائية بنفس العناصر(نفس
الأشخاص، نفس المحل، نفس السبب) أمام نفس المحكمة أو أمام محكمتين على
الإطلاق لأنه لا يجوز البت أو الفصل مرتين في نفس النزاع لأن ذلك فيه إهدار
للجهد وللموارد البشرية والمالية ويؤدي إلى إثقال كاهل القضاء.
نشير أنه وفي نفس الإطار أنه يمكن لمن يهمه الأمر أن يمارس الدفع بالضم أو
الدفع بالإحالة وفقا للمقتضيات المنصوص عليها في الفصلين 910 و 110 من قانون
المسطرة المدنية.
- ثانيا: تقيد أطراف الدعوى بالأثر الناقل للاستئناف
المقصود بهذه القاعدة أن أطراف الدعوى لا يجوز لهم التغيير في عناصرها على
مستوى مرحلة الاستئناف بمعنى لا يحق لهم تقديم طلبات جديدة لم يسبق لهم إثارتها
من قبل أمام المحكمة الابتدائية.
- مثال: نفترض أن المدعي رفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية وانتقلت هذه الدعوى
بعناصرها من أشخاص ومحل وسبب إلى مرحلة الاستئناف وجاء هذا المدعي
وأراد تقديم طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف فهنا لا يحق له ذلك وتعتبر طلباته
مرفوضة وفقا للأثر الناقل للاستئناف.
بمعنى أن الدعوى تنتقل بعناصرها كما هي من المرحلة الابتدائية إلى مرحلة
الاستئناف وهذا المبدأ من أهم مبادئ التنظيم القضائي (الحق في التقاضي على
درجتين) وبالتالي لو أجاز المشرع تقديم طلبات جديدة على مستوى مرحلة
الاستئناف وكأنه تم الحرمان من النظر في هذه الطلبات على مستوى المرحلة
الابتدائية.
الفقرة الثانية: القواعد الإجرائية الواجبة الاحترام من قبل القاضي
الأمر يتعلق بقاعدتين هامتين:
- أولا: تقيد القاضي بعناصر الدعوى
نصت على هذه القاعدة القانونية مقتضيات الفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية
التي ورد فيها "يتعين على القاضي أن يبت في حدود طلبات الأطراف ولا يصوغ له
أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات ويبت دائما طبقا للقوانين المطبقة على
النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة." بمعنى أن القاضي يجب عليه
أن يتقيد بعناصر الدعوى كما يجب عليه أن يحكم في حدود ما طلبه المدعي فلا
يحكم بغير ما طلب أو بأقل مما طلب أو أكتر مما طلب كما يجب على القاضي أن
يتقيد بعنصر الدعوى المتعلق بالأشخاص بمعنى لا يحكم على شخص لم يكن طرف
في الدعوى.
- ثانيا: لا يجوز أن يصدر حكمان قضائيين في نفس الدعوى
المشرع منع ذلك سواء في حالة إعادة تسجيلها أمام نفس المحكمة أو تسجيل
الدعوى أمام محكمتين من نفس الدرجة فهنا يمنع إصدار حكمان قضائيين في نفس
الدعوى لأن أصلا المدعي لا يحق له رفع نفس الدعوى بنفس العناصر ونفس
الدعوى أمام نفس المحكمة ولنفترض أن المدعي لم يحترم هذه القاعدة ورفع
الدعوى بنفس العناصر فإن القضاة يمنع عليهم البت في هذه الدعوى وإصدار
حكمان في نفس الدعوى ولو تم إصدار حكمان في نفس الدعوى فسيتم اعتماد الحكم
الأول أي الصادر عن المحكمة الأولى التي تبت في النزاع لأن هناك مانع قانوني
يتعلق بقاعدة هامة هي حجية الأمر المقضي به في الدعوى أو سبق الفصل في
الدعوى.
الفصل الثاني: شروط الدعوى وأنواعها وإجراءاتها
المبحث الأول: شروط الدعوى وأنواعها
المطلب الأول: شروط الدعوى
يقصد بشروط الدعوى تلك الشروط التي ينبغي توافرها في من يريد عرض ادعاء
ما على القضاء فلا يمكن لأي كان اللجوء إلى القضاء بمعنى أن الذي يرغب في
تقديم دعوى أمام القضاء يجب أن تتوفر فيه شروط معينة لأن جهاز القضاء لا يلجأ
إليه أي كان.
وعليه يجب على الشخص الذي سيلجأ إلى القضاء أن تتوفر فيه شروط معينة لرفع
دعواه أمام القضاء وهذه الشروط هي التي تمكن المدعي من سماع المحكمة لادعائه
وهذه الشروط نصت عليها مقتضيات الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية التي
جاء فيها "لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة لإثبات حقوقه
يثير القاضي تلقائيا انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إن كان
ضروريا وينذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده..." نفهم من الفقرة
الأولى من الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية أنه لابد من أن تتوفر في
المدعي ثلاثة شروط أساسية وهي الصفة والأهلية والمصلحة أما الفقرة الثانية
فأشارت إلى شرط الإذن بالتقاضي الذي لم تتم الإشارة إليه في الفقرة الأولى من
الفصل الأول لأن هذا الشرط لا يشترط توفره دائما.
الفقرة الأولى: شرط الصفة
يعني هذا الشرط أن يكون للمدعي علاقة بالنزاع، بمعنى لكي يرفع شخص ما دعوى
أمام القضاء لا بد أن تكون له علاقة بمعنى له الصفة وعلاقة المدعي بالنزاع تتمثل
في كون أن المدعي من خلالها يدعي حقا لنفسه.
فالدعوى وسيلة يستخدمها المدعي لاسترجاع حق ضاع منه ويجب أن يكون رافع
الدعوى هو صاحب الحق المطلوب.
وفي هذا الإطار قرار صادر عن محكمة النقض ورد في إحدى حيثياته [إن المدعي
أي الطالب لا يدعي الحق لغيره وأنه ينسب المدعى فيه لنفسه ويدعي تملكه وهذا
كافي لاعتبار صفته في التقاضي متوفرة].
هكذا فالمبدأ هو توفر الصفة لكن هناك استثناءات ترد على المبدأ والصفة تكون إما
أصلية أو استثنائية.
- الصفة الأصلية: تكون عندما يدعي شخص الحق لنفسه فهذه الصفة التي يتمتع بها
هذا الشخص هي صفة أصلية.
- الصفة الاستثنائية: تكون عندما يدعي شخص ثالث كالدائن مثلا لنفسه بحق مملوك
لغيره وهو مدينه بمعنى أن الصفة الاستثنائية تتحقق عندما يطالب رافع الدعوى
بحق لا يملكه هو وإنما يملكه غيره الذي هو مدينه وهذا الدائن أي المدعي سيستفيد
بعد استرجاع مدينه هذا الحق.
- مثال: شخص دائن لشخص أخر فيقوم الشخص الدائن برفع دعوى للمطالبة بحق
لفائدة المدين وهو شخص أخر ليصل إلى حق لا يملكه هو وإنما سيستفيد بعد أن
يسترجع المدين حقه.
والصفة الاستثنائية تخول بموجب نصوص خاصة بمعنى إدا كان هناك نص خاص
يخول معه للشخص إمكانية اكتساب هذه الصفة.
والصفة الاستثنائية تسمى كذلك بالحلول ( تم التنصيص عليه في الفصول من 211
إلى 216 من قانون الالتزامات والعقود) لأنه يمكن للدائن أن يحل محل مدينه في
المطالبة بحق يملكه هذا المدين والمشرع سمح بالحلول لأنه يمكن الدائن من
الوصول إلى حقه واستفاء دينه.
+ ملاحظة هامة:
يجب عدم الخلط بين الصفة الاستثنائية أو ما يسمى بالحلول وبين التمثيل القانوني
أو ما يسمى بالصفة الإجرائية.
فالصفة الاستثنائية أو الحلول تعني أن الشخص يحل محل صاحب الحق لمباشرة
الدعوى وهذا الحلول يتم بنص خاص بمعنى لا يمكن أن يقوم به شخص إلا إذا كان
هناك نص قانوني خاص يسمح بذلك.
أما بالنسبة للتمثيل القانوني الأمر يختلف فالممثل القانوني يطالب بحق نيابة عن من
يمثله كالولي أو الوصي الذي ينوب عن القاصر أو ناقص الأهلية فالممثل القانوني
له فقط الصفة الإجرائية وليس له الصفة الأصلية أو الصفة الاستثنائية.
له الصفة الإجرائية بمعنى له الصفة في مباشرة إجراءات الخصومة أو النزاع
وبالتالي فهذا الممثل ملزم بتقديم ما يثبت نيابته وإلا أثار القاضي تلقائيا انعدام الصفة
وأنذر الطرف المعني بالأمر بأن يصحح المسطرة داخل الأجل الذي يحدده القاضي
ونفس المقتضيات التي تطيق على الشخص الطبيعي تطبق على ممثل الشخص
الاعتباري العام وتطبق على ممثل الشخص الاعتباري الخاص وهذا ما نصت عليه
مقتضيات الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه "ترفع الدعوى
ضد:
1 - الدولة، في شخص رئيس الحكومة وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند
الاقتضاء؛
2 - الخزينة، في شخص الخازن العام؛
3 - الجماعات المحلية، في شخص العامل بالنسبة للعمالات والأقاليم، وفي شخص
رئيس المجلس القروي بالنسبة للجماعات؛
4 - المؤسسات العمومية، في شخص ممثلها القانوني؛
5 - المديرية العامة للضرائب، في شخص المدير العام للضرائب فيما يخص
النزاعات المتعلقة بالقضايا الجبائية التي تدخل ضمن اختصاصاتها.
6 - مديرية أملاك الدولة، في شخص مدير أملاك الدولة فيما يخص النزاعات التي
تهم الملك الخاص للدولة."
- قاعدة هامة:
- يجب على النائب القانوني أن يثبت نيابته على القاصر أو ناقص الأهلية إذا كان
مقدما أو وصيا أما إذا كان الأمر يتعلق بالولي فيكتفي فقط بالإدلاء بما يثبت هويته.
- الوكيل أو المحامي كذلك له الصفة الإجرائية لمؤازرة موكله باعتباره ليس طرفا
في النزاع وإن زوال الوكالة لا يؤدي إلى انقطاع أو وقف الخصومة.
- شرط الصفة لا يقتصر فقط على المدعي بمعنى يجب توفر شرط الصفة في
المدعي عليه كذلك لأنه من غير المعقول أن ترفع الدعوى ضد من ليس له ولاية
الدفع والدفاع.
الفقرة الثانية: شرط الأهلية
نص المشرع في الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية على شرط الأهلية بعد
شرط الصفة ويقصد بالأهلية أي أن يكون المدعي متمتعا بالأهلية القانونية لممارسة
حقوقه والأهلية نوعان أهلية وجوب وأهلية أداء.
- أهلية وجوب :هي صلاحية الشخص لتبوث الحقوق له والالتزامات عليه وهي ملازمة للشخص
تثبت للإنسان من ولادته إلى حيت وفاته بصرف النظر عن كونه عاقل أو مجنون
صغير أو كبير ذكر أو أنثى
- أهلية أداء: هي صلاحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية والمالية ونفاذ
تصرفاته
والأهلية التي يجب توفرها أما القضاء هي أهلية الأداء وهذه الأهلية هي التي نص
عليها المشرع المغربي في إطار الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية.
وعليه فإذا كان الشخص كامل أهلية الأداء يحق له التقاضي أي رفع الدعوى أمام
القضاء أما إذا كان فاقد لأهلية الأداء أو ناقصها فإن التقاضي يكون لنائبه القانوني
وفي الحالات التي لا يفرض فيها القانون مباشرة الدعوى من قبل محامي.
يجب على النائب القانوني قبل رفع الدعوى بالنيابة عن فاقد الأهلية أو ناقصها أن
يحصل على إذن بالتقاضي إلا إذا كان الحصول على هذا الإذن سيسبب تأخيرا وأن
هذا التأخير سيلحق ضرارا بحقوق فاقد الأهلية أو ناقص الأهلية.
وهكذا فإن هناك حالات لا يمكن فيها إلزام النائب القانوني بالحصول على إذن
بالتقاضي وذلك في حالة ما إذا كان هذا الإذن بالتقاضي سيسبب تأخيرا وهذا
التأخير سيلحق ضررا بناقص الأهلية أو فاقد الأهلية وبالتالي إعفاء النائب القانوني
من الحصول على الإذن بالتقاضي.
_ النيابة الشرعية عن ناقص الأهلية:
كما نعلم أن ناقص الأهلية لديه أحكام تختلف بحسب ما إذا كانت التصرفات نافعة
نفعا محضا أو ضارة ضررا محضا أو دائرة بين النفع والضرر ورفع الدعوى
يعتبر مبدئيا من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر لأن رفع الدعوى قد يأتي
بالخسارة وقد يأتي بالربح وعليه فإن ناقص الأهلية لكي يقوم بهذا التصرف لابد أن
يحصل على إذن من نائبه الشرعي، وإذا قام ناقص الأهلية بهذا التصرف بذون إذن
من نائبه الشرعي يكون هذا التصرف قبلا للإبطال لصالحه باعتبار أن هذا
التصرف (رفع الدعوى) يعتبر من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر.
هناك حالات استثناها المشرع من أن يرفع القاصر الدعوى عن طريق نائبه
الشرعي لأنه إذا كان الأصل والمبدأ أن التقاضي من التصرفات الدائرة بين النفع
والضرر فإن هناك حالات يكون فيها التقاضي من التصرفات النافعة نفعا محضا
للقاصر وهنا أمكن لهذا الأخير رفع الدعوى بنفسه ودون نائبه الشرعي وهذا ما
قضى به القضاء المغربي إذ ورد في قرار لمحكمة النقض ما يلي [للقاصر أهلية
إقامة الدعوى ضد وليه بالنفقة لأنها من باب جلب المنفعة التي له حق اكتسابها
بدون مساعدة الأب أو الوصي أو المقدم]
أما فاقد الأهلية فتصرفاته باطلة بطلانا مطلقا وبالتالي فإنه لا يمكن لفاقد الأهلية أن
يباشر أية دعوى بدون نائبه القانوني.
الفقرة الثالثة: شرط المصلحة
المصلحة تعتبر هي مناط الدعوى أو جوهر الدعوى بمعنى أن المصلحة هي أساس
الدعوى [لا دعوى حيث لا مصلحة]بمعنى أنه إذا لم تكن هناك المصلحة فلا مجال
لرفع الدعوى فلا دعوى دون مصلحة.
الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية جاء فيه " لا يصح التقاضي إلا ممن له
الصفة، والأهلية، والمصلحة، لإثبات حقوقه.
يثير القاضي تلقائيا انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إن كان
ضروريا وينذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده.
إذا تم تصحيح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة. وإلا صرح
القاضي بعدم قبول الدعوى."
القضاء كرس هذا الشرط المتعلق بالمصلحة ومثال ذلك قرار صادر عن محكمة
النقض جاء في إحدى حيثياته [لكن حيث إنه بموجب الفصل الأول من قانون
المسطرة المدنية فلا يصح التقاضي إلا ممن له المصلحة لإثبات حقوقه]
- أولا: تعريف المصلحة
المشرع لم يعرف المصلحة لأن التعريف أساسا ليس من اختصاص المشرع لكن
الفقه أعطى تعريفات للمصلحة نورد منها:
_ المصلحة هي إشباع المرء فيما يهدف إليه من حماية لحقه.
_ المصلحة تتحقق حينما يجني المدعي فائدة من الدعوى التي يرفعها أمام القضاء
بمعنى أن المصلحة هي الفائدة الفعلية التي ستعود على المدعي من خلال رفعه
الدعوى أمام القضاء.
والشخص لا يلجأ إلى القضاء إلا إذا كان يريد أن يحقق مصلحة من وراء رفع تلك
الدعوى، والمحكمة ليست دار للإفتاء ولا هي جهة لتقديم الاستشارات القانونية
فالمحكمة هي جهة لرفع الأضرار والتهديدات التي تتعرض لها الحقوق والمراكز
القانونية.
- ثانيا: شروط المصلحة
لقبول المصلحة كشرط في الدعوى لابد من توفر شروط معينة في هذه المصلحة
ومن خلال هذه الشروط سنفهم المقصود بشرط المصلحة وتتمثل هذه الشروط في:
1 _ أن تكون المصلحة قانونية:
بمعنى أن يكون الادعاء قانوني ويكون الادعاء قانوني حينما يدعي المدعي ما يقره
القانون أي حينما يدعي المدعي أمر يعترف به القانون ويحميه.
- مثال: القانون لا يجيز القمار وهذا ما نص عليه المشرع في الفصل 1092 من
قانون الالتزامات والعقود الدي جاء فيه " كل التزام سببه دين المقامرة أو المراهنة
يكون باطلا بقوة القانون" وعليه فلنفترض بأن الدعوى التي رفعها المدعي من أجل
المطالبة بديون ناتجة عن القمار فهذه الدعوى تكون غير مقبولة لأن الأمر يتعلق
بالوصول إلى مصلحة غير قانونية لأنه سيحصل على نقود غير قانونية ناتجة عن
القمار الذي يمنعه المشرع بموجب قانون الالتزامات والعقود.
- مثال 2 : القانون المغربي لا يجيز العلاقات خارج الإطار الشرعي أي خارج إطار
الزواج ومن تم فإن سيدة خليلة ترفع دعوى التعويض عن الضرر الذي لحق بها من
جراء فقدانها لخليلها فهده الدعوى تعتبر غير مقبولة لأنها لا تتوفر على شرط
المصلحة لأن المصلحة غير قانونية كون أن الأمر يتعلق بعلاقة غير قانونية.
فالمصلحة لكي تكون قانونية يشترط ألا تكون ملوثة وألا تكون غير مشروعة
والفصل 57 من قانون الالتزامات والعقود جاء فيه "الأشياء والأفعال والحقوق
المعنوية الداخلة في دائرة التعامل تصلح وحدها لأن تكون محلا للالتزام، ويدخل
في دائرة التعامل جميع الأشياء التي لا يحرم القانون صراحة التعامل بشأنها" وعليه
يجب أن يكون محل الالتزام مشروعا وغير مخالف للقانون.
وقد ورد في الفصل 72 من قانون الالتزامات والعقود "يجوز استرداد ما دفع لسبب
مخالف للقانون أو للنظام العام أو للأخلاق الحميدة" وعليه فالمشرع يجيز استرداد
شيء دفع من أجل شيء مخالف للقانون وللنظام العام أو الأخلاق الحميدة.
- مثال: امرأة التزمت مع شخص لإقامة علاقة غير مشروعة في مقابل مبلغ من
المال وحصلت هذه المرأة على هذا المبلغ من المال ولكن رفضت بعد ذلك إقامة
العلاقة غير الشرعية فهذا الشخص يجوز له استرجاع المبلغ الذي دفعه من المال
وفقا لمقتضيات الفصل 72 من القانون الالتزامات والعقود.
من وجهة نضر الأستاذة أن الفصل 72 مقتضياته تجيز فسخ الاتفاقات التي تخالف
الأخلاق الحميدة لعرقلة الحصول على مصلحة غير مشروعة وملوثة هنا تمنع
مقتضيات هذا الفصل دفع مبلغ من النقود كمقابل للحصول على مصلحة غير
مشروعة وتجيز استرجاع هذا المبلغ.
كخلاصة لمقتضيات هذه الفصول (57 و 72) أنها تكرس المقتضيات الواردة في
القواعد الإجرائية العامة الواردة بالتحديد في الفصل الأول من قانون المسطرة
المدنية الذي ينص على شرط المصلحة كشرط من شروط رفع الدعوى.
كذلك يقصد بقانونية المصلحة ألا تكون المصلحة اقتصادية مجردة من الحماية
القانونية فإذا كانت المصلحة اقتصادية ولكن مقرونة بالحماية القانونية فإن المصلحة
ستكون قانونية وبالتالي توافر المصلحة ويحق للمعني بالأمر أن يرفع الدعوى أمام
القضاء.
- مثال: أن يقوم تاجر برفع دعوى أمام القضاء للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي
لحق به بسبب فقدانه أحد زبائنه فمصلحة التاجر هنا تكون اقتصادية ولكن مجردة
من الحماية القانونية لكون أنه ليس هناك نص قانوني يحمي هذه المصلحة.
- مثال 2 : أن يرفع تاجر دعوى أمام القضاء للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي
لحق به من جراء فتح تاجر أخر لمحل تجاري لمنافسته في تجارته ويكون قد سبق
للتاجر المدعي أنه اشترط على التاجر الأخر ألا ينافسه في تجارته لمدة معينة وعدم
فتح محل تجاري بنفس الشارع في هذه الحالة فإن التاجر الذي رفع الدعوى أمام
القضاء ضد التاجر الثاني له مصلحة اقتصادية مدعومة بحماية قانونية وشرط
المصلحة هنا متوفر كون أن هذه المصلحة قانونية.
2 أن تكون المصلحة حالة وقائمة
المقصود بأن تكون المصلحة حالة وقائمة أي موجودة وقت رفع الدعوى وهذا
الشرط يسمى كذلك بواقعية المصلحة أي أن تكون المصلحة موجودة على أرض
الواقع وغير مؤجلة.
- مثال: أن يطالب الدائن بدين له على المدين ويكون هذا الدين معلق على شرط أو
ولم يحل أجله بمعنى الدين يكون مقترن بأجل وهذا الأجل لم يحل بعد ويلجأ الدائن
إلى القضاء للمطالبة بهذا الدين فهنا المصلحة غير قائمة لأن أداء الدين مقترن بأجل
لم يحل بعد.
كذلك يحق للمدعي أن يرفع دعوى أمام القضاء إذ كانت مصلحته محققة الوقوع في
المستقبل الأمر هنا يتعلق بالحالة التي يكون فيها المصلحة معرضة لاعتداء سيقع لا
محالة في المستقبل بمعنى سيقع في المستقبل فهي ليست احتمالية.
- مثال: في حالة رفع دعوى يدعي فيها المدعي أنه تعرض للتهديد.
المشرع المغربي أجاز رفع دعوى أمم القضاء في حالة إذا كانت المصلحة محققة
الوقوع في المستقبل وإن كانت غير واقعة أي غير قائمة وإنما هي محققة الوقوع
في المستقبل.
المشرع أجاز رفع دعوى من أجل مصلحة محققة في المستقبل وما يؤكد ذلك
تنصيصه على ما يسمى بالدعاوى الوقائية ويقصد بهذه الأخيرة أنها هي التي تهدف
للوقاية من ضرر يمكن أن يقع في المستقبل نضرا لوجود وقائع تؤكد على إمكانية
حدوث هذا الضرر ومن النصوص القانونية التي نصت على هذه الدعاوى الوقائية
نجد مقتضيات الفصل 90 من قانون الالتزامات والعقود الذي جاء فيه "لمالك العقار
الذي يخشى، لأسباب معتبرة، انهيار بناء مجاور أو تهدمه الجزئي أن يطلب من
مالك هذا البناء أو ممن يكون مسؤولا عنه وفقا لأحكام الفصل 89 اتخاذ الإجراءات
اللازمة لمنع وقوع الانهيار" من خلال هذا الفصل يتضح أن المصلحة محققة
الوقوع في المستقبل وبالتالي يحق للشخص المتضرر أن يلجأ للقضاء لرفع الدعوى
استنادا إلى كون شرط المصلحة متوافر ما دام أن هناك مصلحة محققة الوقوع في
المستقبل.
_ مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية نصت على إمكانية رفع دعوى لحماية
مصلحة محتملة الوقوع في المستقبل هنا المشرع استخدم كلمة محتملة الوقوع في
المستقبل وقد ورد بالتحديد في المادة الثانية من مسودة مشروع قانون المسطرة
المدنية على أنه "لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة
ومشروعة" وورد كذلك في المادة الثانية من المسودة "ومع ذلك تكفي المصلحة
المحتملة الوقوع إذا كان الغرض من الطلب أو الدفع الاحتياط لدرء ضرر محدق
يخشى زواله"
3 _ أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة:
بمعنى أن يكون المتقاضي نفسه أي المدعي هو صاحب الحق المطالب بحمايته
وعليه لا يقبل أن يطالب الشخص بحق الغير.
- مثال: لا يمكن للمدعي أن يرفع دعوى للمطالبة بحق لأبيه أو حق لأمه أو لزوجه
أو لزوجته إلا في حالة إذا كان مكلفا أن يكون نائبا قانونيا على هذا الغير فمبدئيا
المدعي يدعي حق لنفسه.
_شرط أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة ترد عليه استثناءات:
إذا كانت القاعدة الإجرائية العامة هي أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة فهذه
القاعدة تترد عليها استثناءات لأنه نجد بأن المشرع يجيز أن تكون الدعوى غير
مباشرة كما في الحالة التي يرفع فيها شخص دعوى للمطالبة بما هو يستحقه مدينه
وهو في ذمة شخص ثالث (في هذا المثال الإحالة على ما تم توضيحه في الصفة
الاستثنائية أو ما يسمى بالحلول).
- تكون المصلحة غير مباشرة كذلك فيما يتعلق بالدعاوى التي ترفعها النقابات
المهنية للدفاع عن مصالح المهنة وهنا نجد بأن المشرع المغربي يجيز رفع الدعوى
بناء على مصلحة غير مباشرة كاستثناء يرد على قاعدة أن تكون المصلحة مباشرة.
- كذلك يمكن للجمعيات رفع دعاوى قضائية بناء على المصلحة غير المباشرة كمثال
جمعية حماية المستهلك وهي بدورها استثناء على قاعدة أن تكون المصلحة
المباشرة.
الفقرة الرابعة: شرط الإذن بالتقاضي
المشرع نص في الفقرة الثانية من الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية على أنه
"يثير القاضي تلقائيا انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إن كان
ضروريا وينذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده."
- سؤال: لماذا المشرع نص على شرط الإذن بالتقاضي في الفقرة الثانية ولم ينص
عليها في الفقرة الأولى؟
لأن شرط الإذن بالتقاضي ليس ضروريا في جميع الحالات فمثلا الشخص الذي
يريد أن يرفع دعوى أمام القضاء للحصول على حق لنفسه لا يحتاج إلى شرط
الإذن بالتقاضي ولكن إذا كان هذا الشخص سيرفع دعوى أمام القضاء لأجل القاصر
أو ناقص الأهلية فإنه في هذه الحالة عليه الحصول على إذن بالتقاضي حسب ما
نصت عليه المادة 271 من مدونة الأسرة التي جاء فيها "لا يقوم الوصي أو المقدم
بالتصرفات الآتية، إلا بعد الحصول على الإذن من القاضي المكلف بشؤون
القاصرين:
1 - بيع عقار أو منقول للمحجور تتجاوز قيمته 10.000 درهم أو ترتيب حق عيني
عليه.
2 - المساهة بجزء من مال المحجور في شركة مدنية او تجارية او إستثمار في
تجارة أو مضاربة.
3 - تنازل عن حق أو دعوى أو إجراء الصلح أو قبول التحكيم بشأنهما..."
شرط الإذن بالتقاضي يعتبر شرطا ضروريا في حالات معينة ليس فقط بالنسبة
للأشخاص الطبيعيين بل كذلك بالنسبة للأشخاص الاعتباريين سواء تعلق الأمر
بأشخاص القانون الخاص أو أشخاص القانون العام.
- مثال: القانون رقم 17.62 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية
وتدبير أملاكها في المادة الخامسة منه نص على أنه "يمكن للجماعات السلالية بعد
إذن من سلطة الوصاية أن تباشر جميع الدعاوى أمام جميع محاكم المملكة" بمعنى
الجماعة السلالية إذا أرادت أن تباشر دعوى قضائية للدفاع عن مصالحها لابد لها من
الحصول على إذن من الجهة المختصة.
+ قاعدة هامة:
في حالة ما إذا لم يتوافر شرط من هذه الشروط فإن المشرع المغربي نص في
الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية على أنه يحق للقاضي أن يثير من تلقاء
نفسه هذا الإغفال بمعنى أنه إذا غاب شرط من هذه الشروط لا يحتاج الأمر إلى أن
يثير ذلك الخصوم ويطلب القاضي من الطرف المعني تصحيح المسطرة بمعنى أن
يثبت أن له الصفة وأن المصلحة... وتصحيح المسطرة يكون في أجل يحدده
القاضي وعلى المدعي أن يحترمه تحت طائلة عدم قبول الدعوى حسب الفقرة
الأخيرة من الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية.
ومن هنا نفهم أن القاضي لا يحكم بعدم قبول الدعوى قبل أن يخبر المعني بالأمر
بتصحيح المسطرة وفي حالة تصحيح المسطرة داخل الأجل الذي حدده القاضي
تستمر الدعوى وكأنها أقيمت صحيحة من البداية وهذا ما ورد في الفقرة الأخيرة
من الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية التي ورد فيها "إذا تم تصحيح
المسطرة اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة، وإلا صرح القاضي بعدم
قبول الدعوى".
المطلب الثاني: أنواع الدعوى
أنواع الدعوى تختلف باختلاف طبيعة الحق موضوع الدعوى أي طبيعة الحق
المتنازع حوله الذي قد يكون حقا شخصيا أو حقا عينيا كما تتنوع الدعوى بحسب
محلها فقد يكون محل الدعوى عقارا كما قد يكون محل الدعوى منقولا.
الفقرة الأولى: أنواع الدعوى بحسب طبيعة الحق موضوع الدعوى
نجد هناك الدعوى العينية وهناك الدعوى الشخصية:
- أولا: الدعوى العينية
هي التي يكون موضوعها حق عيني أي هي التي تهدف إلى حماية حق عيني.
والحق العيني هو سلطة مباشرة يخولها القانون لشخص ما على شيء معين بالذات
دون وساطة أحد والحق العيني يكون أما حق عيني أصلي المادة 9 من مدونة
الحقوق العينية أو حق عيني تبعي ) المادة 10 من مدونة الحقوق العينية، والحقوق
العينية هي واردة على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال ويترتب عن ذلك أن
الدعاوى العينية بدورها واردة على سبيل الحصر.
- ثانيا: الدعوى الشخصية
هي تلك الدعوى التي تهدف إلى حماية حق شخصي.
والحق الشخصي هو رابطة قانونية بين شخصين أحدهما دائن والأخر مدين يلتزم
بمقتضاه المدين إما بالقيام بعمل أو بالامتناع عن القيام بعمل وبالنسبة للحقوق
الشخصية فهي على خلاف الحقوق العينية حيث لا تقع على سبيل الحصر أنما
تتنوع بتنوع الروابط القانونية التي تجمع بين الأفراد داخل المجتمع وبالتالي
فالدعاوى الشخصية هي على خلاف الدعاوى العينية لا تقع على سبيل الحصر لأن
الروابط القانونية تتنوع ويصعب حصرها وبالتالي فالدعاوى المرتبطة بها كذلك
متنوعة ويصعب حصرها.
- مثال: الدعوى التي تهدف إلى الاعتراف بدين ودعوى الإبطال ودعوى الفسخ
فهي كلها دعاوي موجهة إلى أشخاص كانوا طرفا في التصرفات التي هي محل
الطعن.
- ثالثا: الدعوى المختلطة
هي الدعوى التي تتعلق بالحق العيني والحق الشخصي فهي مرتبطة بهما معا لذلك
تسمى بالدعوى المختلطة لأنها تجمع بين الحق العيني الذي تحميه الدعوى العينية
وبين الحق الشخصي التي تحميه الدعوى الشخصية.
- مثال: الدعوى التي تهدف إلى فسخ أو إبطال تصرف قانوني ناقل أو منشأ لحق
عيني عقاري هذه الدعوى مختلطة فهي من جانب دعوى شخصية تهدف إلى إبطال
أو فسخ تصرف قانوني ومن جانب أخر فهي دعوى عينية تتعلق بفسخ أو إبطال
تصرف قانوني ناقل أو منشأ لحق عيني عقاري.
- مثال 2 : دعوى الفسخ التي يرفعها المكري في إطار الكراء الطويل الأمد على
المكتري والكراء الطويل الأمد يندرج في إطار الحقوق العينية الأصلية منصوص
عليه في إطار المادة التاسعة من مدونة الحقوق العينية فالشق المتعلق بفسخ عقد
الكراء يتعلق الأمر بدعوى شخصية، ولكن استرداد العقار المكترى كراء طويل
الأمد في هذا الشق من المثال يتعلق الأمر بدعوى عينية إذن فهذه الدعوى هي
دعوى مختلطة لكون أن هذه الدعوى تنصب على حق شخصي هو الفسخ وتنصب
كذلك على حق عيني بموجبه يسترد المكري العقار من المكتري.
الفقرة الثانية: أنواع الدعوى بحسب محل الدعوى
- أولا: الدعوى العقارية
تهدف هذه الدعوى إلى حماية الحقوق العينية العقارية التي نص عليها المشرع في
إطار مدونة الحقوق العينية الواردة على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال.
- ثانيا: الدعوى المنقولة
هي تلك الدعوى التي تهدف إلى الحصول على حق يكون محله منقولا، كل ما ليس
عقارا.
- مثال: كالدعوى المتعلقة بالحقوق الدهنية أو المعنوية كحقوق المؤلف.
وكل دعوى تهدف إلى حماية حق ليس بحق عيني عقاري فهي تعد دعوى منقولة
لذلك فالدعاوى المنقولة هي متعددة كما هو الشأن بالنسبة للدعاوى الشخصية.
- سؤال: ما أهمية ذكر هذه الأنواع من الدعاوى؟
أهمية ذكر أنواع الدعاوى لها ارتباط بجوانب إجرائية مهمة ومن أهمها هي قاعدة
الاختصاص المحلي فإذا كانت الدعوى عينية فالاختصاص للمحكمة التي يوجد في
دائرتها موقع العقار المعني بالأمر أما بالنسب للدعوى الشخصية فالاختصاص
يرجع للمحكمة التي يوجد في دائرتها موطن المدعي عليه وهذه القواعد نص عليها
الفصلان 27 و 28 من قانون المسطرة المدنية لكن مع الأخذ بعين الاعتبار
الاستثناءات الواردة على هذه القواعد.
سؤال: بالنسبة للدعوى المختلطة لمن يعود الاختصاص؟
يجيب عن هذا الإشكال الفقرة الثانية من الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية التي
جاء فيها " تقام الدعاوى خلافا لمقتضيات الفصل السابق أمام المحاكم التالية:
- في الدعاوى العقارية تعلق الأمر بدعوى الاستحقاق أو الحيازة، أمام محكمة موقع
العقار المتنازع فيه؛
- في الدعاوى المختلطة المتعلقة في آن واحد بنزاع في حق شخصي أو عيني، أمام
محكمة الموقع أو محكمة موطن أو إقامة المدعى عليه...."
وعليه فالاختصاص يرجع إما إلى المحكمة التي يوجد في دائرتها العقار المعني
بالأمر وإما إلى المحكمة التي يوجد بدائرتها موطن أو إقامة المدعي عليه.
بالنسبة للدعاوى العقارية الاختصاص يرجع للمحكمة التي يوجد في دائرتها موقع
العقار المعني بالأمر نفسه أما بالنسبة للدعاوى المنقولة فالاختصاص يعود للمحكمة
التي يوجد في دائرتها موطن المدعي عليه.
وبالنسبة للدعاوى المختلطة الاختصاص كما قلنا يعود إلى المحكمة التي يوجد في
دائرتها موطن أو إقامة المدعي عليه أو المحكمة التي يوجد في دائرتها موقع العقار
المعني بالأمر لأن الدعوى المختلطة الأمر فيها يتعلق فيها بحق عيني وإذا كانت
الدعوى متعلقة بحق عيني فالاختصاص يعود أصلا إلى المحكمة التي يوجد في
دائرتها العقار وقد يتعلق فيها الأمر بنزاع حول حق شخصي وإذا تعلق الأمر بحق
شخصي فالاختصاص ينعقد إلى المحكمة التي يوجد بدائرتها موطن أو إقامة
المدعى عليه لذلك نص المشرع المغربي في الفقرة الثانية من الفصل 28 من قانون
المسطرة المدنية على أنه ما دامت الدعوى مختلطة فإنه إما أن ينعقد الاختصاص
إلى محكمة موقع العقار أو إلى محكمة موطن أو إقامة المدعي عليه.
المبحث الثاني: إجراءات الدعوى
تبدأ إجراءات الدعوى بتقديم تصريح يدلي به المدعي شخصيا أو بتقديم المقال
الافتتاحي للدعوى وتتطلب فيه شروط معينة وبعد ذلك تأتي إجراءات أخرى تتعلق
بتعيين رئيس المحكمة للقاضي المقرر أو للقاضي المكلف بالقضية للبدء في
إجراءات الدعوى وبعد ذلك تأتي إجراءات التبليغ للمدعي عليه وكل طرف معني
بالدعوى تم بعد ذلك تبدأ إجراءات التحقيق حيت يتعلق الأمر بمناقشة الطلبات
والدفوع التي الأطراف قبل أن تصبح الدعوى جاهزة للمداولة وتمهيدا لإصدار
الحكم فيها ومما سبق فإن إجراءات الدعوى هي كالتالي:
- 1 _ تقديم تصريح يدلي به المدعي شخصيا أو تقديم المقال الافتتاحي للدعوى.
- 2 _ تعيين رئيس المحكمة للقاضي المقرر أو للقاضي المكلف بالقضية للبدء في
إجراءات الدعوى.
- 3 _ التبليغ للمدعي عليه وتبليغ كل طرف معني بالدعوى.
- 4 _ إجراءات التحقيق أي مناقشة الطلبات والدفوع المقدمة.
المطلب الأول: تقديم تصريح أو المقال الافتتاحي للدعوى
جاء في الفصل 31 من قانون المسطرة المدنية "ترفع الدعوى إلى المحكمة
الابتدائية بمقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعي أو وكيله أو بتصريح يدلي به
المدعي شخصيا ويحرره أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا يوقع من
طرف المدعي أو يشار في المحضر إلى أنه لا يمكن له التوقيع.
تقيد القضايا في سجل معد لذلك حسب الترتيب التسلسلي لتلقيها وتاريخها مع بيان
أسماء الأطراف وكذا تاريخ الاستدعاء.
بمجرد تقييد المقال يعين رئيس المحكمة حسب الأحوال قاضيا مقررا أو قاضيا
مكلفا بالقضية"
كما نصت المادة 11 من القانون 42.10 المتعلق بقضاء القرب على أنه "ترفع
الدعوى إلى قاضي القرب إما بمقال مكتوب أو بتصريح شفوي يتلقاه كاتب الضبط
ويدونه في محضر يتضمن الموضوع والأسباب المثارة، وفق نموذج معد لهذه
الغاية، ويوقعه مع الطالب.
إذا كان المدعي عليه حاضرا أوضح له القاضي مضمون الطلب وإذا لم يحضر
بلغ له مقال المدعي أو نسخة من المحضر في الحال، ويحتوي هذا التبليغ على
استدعاء لجلسة الا يتجاوز تاريخها ثمانية أيام."
نفهم من هذه المقتضيات أنه يتم رفع الدعوى أمام القضاء إما بمقال مكتوب أو
بتصريح شفوي.
الفقرة الأولى: التصريح الشفوي
التصريح الشفوي نصت عليه المادة 31 من قانون المسطرة المدنية المشارة إليها
أعلاه وهو يتم على أرض الواقع بلجوء المدعي إلى المحكمة المختصة ويصرح بما
يطلبه وهذا التصريح يسمعه أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين ويقوم هذا العون
بتحرير محضر بما صرح به ذلك المدعي شفويا ويطلب العون بعد نهاية كتابة
المحضر من المدعي أن يوقع عليه وفي حالة كان المدعي يجهل التوقيع يتم الإشارة
إلى ذلك في المحضر.
- سؤال: هل دائما يحق للمدعي أن يرفع الدعوى بتصريح شفوي؟
تجيب عن هذا السؤال مقتضيات الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية الذي نفهم
منه أنه لا يمكن للمدعي دائما أن يرفع الدعوى بموجب تصريح شفوي أي يمكن
للمدعي أن يرفع الدعوى بمقال مكتوب.
والمدعي يمكن له أن يرفع الدعوى بتصريح شفوي فقط في الحالة التي تكون فيها
المسطرة شفوية أما إذا كانت المسطرة كتابية فإنه لا يمكن للمدعي أن يرفع الدعوى
أمام القضاء بموجب تصريح شفوي.
وقد ورد في الفقرة الأخيرة من الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية أنه "غير أن
المسطرة تكون شفوية في القضايا التالية:
1 القضايا التي تختص المحاكم الابتدائية فيها ابتدائيا وانتهائيا
2 قضايا النفقة والطلاق والتطليق
3 القضايا الاجتماعية
4 قضايا استيفاء ومراجعة وجيبة الكراء
5 قضايا الحالة المدنية
نفهم من خلال هذه المقتضيات أنه يمكن للمدعي أن يتقدم بتصريح شفوي إذا تعلقت
قضيته بإحدى القضايا المنصوص في إطار مقتضيات الفصل 45 من قانون
المسطرة المدنية في فقرته الأخيرة.
المادة 32 من القانون رقم 28.08 المتعلقة بمهنة المحاماة في فقرتها الأولى تؤكد
على مقتضيات المادة 45 من قانون المسطرة المدنية حيت ورد فيها "المحامون
المسجلون بجداول هيئات بالمملكة وحدهم المؤهلون في نطاق تمثيل الأطراف
ومؤازرتهم لتقديم المقالات والمستنتجات والمذكرات الدفاعية في جميع القضايا
باستثناء قضايا التصريحات المتعلقة بالحالة المدنية وقضايا النفقة والقضايا التي
تختص المحاكم الابتدائية بالنضر فيها ابتدائيا وانتهائيا وكذا المؤازرة في قضايا
الجنح والمخالفات"
ونفهم من خلال مقتضيات المادة 32 من القانون المنظم لمهنة المحاماة بكون أن
المبدأ للمسطرة الكتابية ومتى كانت المسطرة كتابية فإن الأمر يتعلق بإلزامية
تنصيب محامي.
وإذا كان المبدأ أن المسطرة الكتابية وبالتالي تقديم المقال الافتتاحي للدعوى فإنه إذا
تعلق الأمر بقضايا التصريحات بالحالة المدنية وقضايا النفقة والقضايا التي تختص
المحاكم الابتدائية بالنضر فيها ابتدائيا وانتهائيا وكذا المؤازرة في قضايا الجنح
والمخالفات فإنه لا يستوجب التقدم بمقال افتتاحي للدعوى ويتم تعويضه بالتصريح
الشفوي كما أن الأمر لا يستلزم تعيين محامي.
- سؤال: ما هي القضايا المستثناة من المقال الكتابي وتنصيب محامي؟
هي تلك التي ذكرها الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية في فقرته الأخيرة
والمادة 32 من القانون المتعلق بالمحاماة.
الفقرة الثانية: المقال الافتتاحي للدعوى
المشرع المغربي نص على إلزامية التقدم بمقال افتتاحي للدعوى من حيث المبدأ،
فالمبدأ للمسطرة الكتابية بمعنى أنه يتم رفع الدعوى بمقال مكتوب وموقع عليه من
طرف السيد المحامي المسجل في هيئة من هيئات المحامين بالمغرب ونفهم من هنا
كون أنه حينما تكون المسطرة كتابية يجب تنصيب محامي.
- سؤال: متى يكون المدعي ملزم بأن يتقدم بالمقال الافتتاحي للدعوى؟
يكون المدعي ملزما بتقديم الدعوى بمقال افتتاحي للدعوى في جميع القضايا
باستثناء إذا تعلق الأمر بتلك القضايا المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من الفصل
45 من قانون المسطرة المدنية وكذلك إذا تعلق الأمر بتلك القضايا المنصوص
عليها في المادة 32 من القانون المنظم لمهنة المحاماة.
وعليه فإذا لم تعلق الأمر بتلك القضايا المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من
الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية وكذلك إذا لم يتعلق الأمر بالقضايا
المنصوص عليها في نهاية المقتضيات الواردة المادة 32 من القانون رقم 28.08
المنظم لمهنة المحاماة يكون المدعي ملزم بتتبع المسطرة الكتابية.
- أولا: شكليات المقال الافتتاحي للدعوى:
يجب احترام القواعد التي نص عليها المشرع وضرورة توفر البيانات التي يجب أن
يتضمنها هذا المقال الافتتاحي.
1 _ البيانات الواجب توفرها في المقال الافتتاحي للدعوى:
نص على هذه البيانات الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية الذي ورد فيه "يجب
أن يتضمن المقال أو المحضر الأسماء العائلية والشخصية وصفة أو مهنة وموطن
أو محل إقامة المدعى عليه والمدعي وكذا عند الاقتضاء أسماء وصفة وموطن
وكيل المدعي، وإذا كان أحد الأطراف شركة وجب أن يتضمن المقال أو المحضر
اسمها ونوعها ومركزها.
يجب أن يبين بإيجاز في المقالات والمحاضر علاوة على ذلك موضوع الدعوى
والوقائع والوسائل المثارة وترفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها
عند الاقتضاء مقابل وصل يسلمه كاتب الضبط للمدعي يثبت فيه عدد المستندات
المرفقة ونوعها.
إذا قدم الطلب بمقال مكتوب ضد عدة مدعى عليهم وجب على المدعي أن يرفق
المقال بعدد من النسخ مساوي لعدد الخصوم.
يطلب القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية عند الاقتضاء تحديد البيانات غير
التامة أو التي تم إغفالها، كما يطلب الإدلاء بنسخ المقال الكافية وذلك داخل أجل
يحدده، تحت طائلة الحكم بعدم قبول الطلب."
وعليه فالبيانات الواجب توفرها في المقال الافتتاحي للدعوى هي كالاتي:
_ الأسماء العائلية والشخصية للمدعي والمدعي عليه.
_ صفة أو مهنة وموطن أو محل إقامة المدعي والمدعي عليه.
_ أسماء وصفة وموطن وكيل المدعي عند الاقتضاء.
_ إذا كان أحد الأطراف شركة يجب أن يتضمن المقال الافتتاحي أو المحضر اسمها
ونوعها ومركزها.
_يجب أن يبين وبإيجاز موضوع الدعوى والوقائع والوسائل المثارة.
_ ترفق بالطلب كذلك المستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الاقتضاء.
_ إذا تعدد المدعين عليهم وجب إرفاق المقال بعدد من النسخ مساوي لعدد الخصوم
لأنه يجب أن توجه الاستدعاءات إلى كل هؤلاء الخصوم.
المقال يقدمه المعني بالأمر أو وكيله ويسلمه المحامي لكاتب الضبط مقابل وصل
للمدعي يثبت فيه عدد المستندات المرفقة ونوعها.
في حالة إغفال ذكر أحد البيانات السابقة الذكر يترتب على ذلك أنه يمكن للقاضي
المقرر أو القاضي المكلف بالقضية تذكير المعني بالأمر لتدارك الأمر داخل أجل
يحدده السيد القاضي تحت طائلة الحكم بعدم قبول الدعوى يعني إذا لم يحترم المعني
بالأمر الأجل الذي حدده القاضي لتدارك الإغفال يمكن للقاضي أن يحكم بعدم قبول
الدعوى وفي حالة تدارك الأمر داخل الأجل المحدد من طرف السيد القاضي في
هذه الحالة تأخذ الدعوى مجراها العادي.
المطلب الثاني: تعيين القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية
بمجرد تقييد المقال الافتتاحي للدعوى يقوم السيد رئيس المحكمة الابتدائية بتعيين
قاضي مقرر أو قاضي مكلف بالقضية حسب الفقرة الأخيرة من الفصل 31 من
قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها "بمجرد تقييد المقال يعين رئيس المحكمة
حسب الأحوال قاضيا مقررا أو قاضيا مكلفا بالقضية"
سؤال: ما الفرق بين القاضي المقرر والقاضي المكلف بالقضية؟
الفقرة الأولى: القاضي المقرر
القاضي المقرر على مستوى المحكمة الابتدائية يعين من قبل رئيس المحكمة
الابتدائية عندما تكون القضية خاضعة لنظام القضاء الجماعي (القضايا العقارية-
قضايا الأسرة والميراث باستثناء قضايا النفقة-...)
وفي هذا الإطار نص الفصل الرابع من القانون رقم 34.10 الذي بموجبه تم تعديل
القانون المتعلق بالتنظيم القضائي على أنه "تعقد المحاكم الابتدائية بما فيها المصنفة
جلساتها مع مراعاة المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 5 بعده وكذا
الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى نصوص خاصة بقاض منفرد
وبمساعدة كاتب الضبط ما عدا الدعاوى العقارية العينية والمختلطة وقضايا الأسرة
والميراث باستثناء النفقة التي يبت فيها بحضور ثلاثة قضاة بمن فيهم الرئيس
وبمساعدة كاتب الضبط..."
نفهم من خلال هذه المقتضيات أن المبدأ في المحكمة الابتدائية أنها تعقد جلساتها
بقاضي منفرد ولكن إذا تعلق الأمر بدعاوى عقارية عينية أو دعاوى مختلطة أو
دعاوى الأسرة والميراث باستثناء النفقة هنا تخضع لنظام القضاء الجماعي.
_ تطور النظام القضائي المعتمد في المغرب:
+ المحاكم العادية:
- قبل الاستعمار كان يطبق ببلادنا نظام القضاء الفردي
- في عهد الاستعمار كان النظام القضائي المغربي يعرف تدحرج وتدبدب على
مستوى القضاء العادي فتارة كان يأخذ بنظام القضاء الفردي وتارة أخرى كان يأخذ
بنظام القضاء الجماعي.
- حاليا النظام القضائي المعتمد هو نظام القضاء الفردي أمام المحاكم الابتدائية وهذا
ما أقره القانون رقم 34.10
+ المحاكم الاستئنافية ومحاكم النقض:
لم تعرف هذا التأرجح وضلت تطبق نظام القضاء الجماعي.
+ المحاكم المتخصصة على مستوى الدرجة الأولى (المحاكم التجارية- المحاكم
الإدارية):
لم تعرف هذا التأرجح إذا احتفظ لها المشرع بنظام القضاء الجماعي.
+ محاكم الاستئناف المتخصصة:
كذلك لم تعرف ذلك التأرجح إذ ضلت تطبق نظام القضاء الجماعي.
الفقرة الثانية: القاضي المكلف بالقضية
القاضي المكلف بالقضية يعينه السيد رئيس المحكمة الابتدائية إذا كانت القضية
خاضعة لنظام القضاء الفردي وهو النظام المعتمد حاليا والمقرر بموجب القانون
رقم 34.10
كما قلنا سابقا أنه في حالة إغفال بيان في المقال الافتتاحي للدعوى السيد القاضي
يخبر المعني بالأمر لتدارك ذلك الإغفال داخل أجل يحدده والمقصود بالقاضي هنا
هو القاضي الذي عينه رئيس المحكمة الابتدائية الذي قد يكون إما القاضي المقرر
أو القاضي المكلف بالقضية وذلك حسب نطام القضاء المعتمد في القضية.
وبعد توصل القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية حسب الأحوال بالقضية
يجب عليه أن يستدعي حالا المدعي والمدعي عليه.
المطلب الثالث: إجراءات التبليغ
الفقرة الأولى: المقصود بالتبليغ
مهمة التعريف كما هو متعارف عليه لا تدخل في اختصاص المشرع وإنما هي من
اختصاص الفقه والقضاء وعليه فقد عرف الأستاذ عبد الكريم الطالب التبليغ على
أنه "إيصال أمر واقعة ثابتة إلى شخص معين على يد أحد أعوان كتابة الضبط أو
أحد المفوضين القضائيين أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع الإشعار
بالتوصل أو بالطريقة الإدارية".
وفقيه أخر عرف التبليغ على أنه هو "ذلك الإجراء المقرر قانونا لإحاطة المبلغ
عليه علما بواقعة معينة عن طريق تسليمه استدعاء لجلسة أو حكما أو قرار صادر
في دعوى أو نسخة مقال أو مذكرة إعمالا لمبدأ المواجهة بين الخصوم والذي
يقتضي القانون بوجوب قيام الخصم بتبليغ خصمه بالإجراء الذي يتخذه ضده
وبالوسيلة التي حددها القانون"
الفقرة الثانية: أهمية التبليغ
تكمن أهمية التبليغ من خلال الفوائد التي يحققها هذا الإجراء وتتمثل هذه الفوائد فيما
يلي:
- أولا: التبليغ ألية مهمة لاحترام حقوق الدفاع المقررة دستوريا لأنه يتيح الفرصة
الكافية للخصم للإدلاء برأيه وبحججه ومستنداته وأدلته والمتعلقة بهذه القضية.
فإذا كان المشرع المغربي سواء على مستوى قواعد المسطرة المدنية أو على
مستوى قواعد الدستور المغربي الذي هو أسمى قانون في البلاد يخول للمعني
بالأمر حق الدفاع عن نفسه وعن مصالحه وحقوقه وكذا الدفاع عن مركزه القانوني
فإنه من غير المعقول ألا ينص الدستور ومختلف القوانين على ضمان القيام بإجراء
التبليغ على أكمل وجه لأن تبليغ المدعي عليه سيمكنه من ممارسة حقه في الدفاع
المكرس دستوريا وكذا بموجب قانون المسطرة المدنية بل وحتى قضائيا بواسطة
أعلى هيئة قضائية في المغرب حيث ورد قرار صادر عن محكمة النقض يؤكد أن
عدم التبليغ يشكل خرقا لحقوق الدفاع وقد جاء في إحدى حيثيات هذا القرار ما يلي
[البت في الدعوى دون استدعاء الطرف الخصم يشكل خرقا لحق من حقوق الدفاع
ولو تعلق الأمر بدعوى من أجل تصحيح خطأ مادي ما دامت مقامة من أحد
الأطراف وما دام الخطأ لم يتم تصحيحه تلقائيا في الحالة التي يجوز فيها ذلك]
- ثانيا: تكمن أهمية التبليغ كذلك في أنه لا يجوز احتجاج المبلغ له بجهله لما تم تبليغه
به قياسا لقاعدة [لا يعذر أحد بجهله للقانون].
- مثال: يمكن أن تتوصل بالتبليغ سيدة أمية لا تعرف لا القراءة ولا الكتابة لكن مع
ذلك لا يمكن على الاطلاق أن تتذرع بكونها تجهل التبليغ تطبيقا لقاعدة [لا يعذر
أحد بجهله للقانون].
- ثالثا: التبليغ يمارس دورا هاما يتعلق بتسريع إجراءات الدعوى بمعنى كل ما كان
التبليغ وفقا للقواعد المنصوص عليها وكان احترام للإجراءات وكان التبليغ على
أكمل وجه كلما كان لذلك تأثير على مستوى تسريع إجراءات الدعوى والعكس
صحيح أي كلما كانت عرقلة على مستوى إجراءات التبليغ فإن الدعوى تطول
بالإضافة إلى أن الحكم القضائي يجب أن يصدر داخل أجل معقول ولكي يتم إصدار
الحكم يجب أن تكون إجراءات التبليغ فعالة إذ أن هناك علاقة ترابط بين إجراءات
التبليغ والبت في الدعوى.
- رابعا: التبليغ يكرس مبدأ حسن النية في التقاضي لأن عدم التبليغ يدل على أن هناك
سوء نية وهذا يحصل على المستوى الواقعي في بعض الأحيان أن المدعي مثلا قد
يدلي بعنوان غير صحيح للمدعي عليه لكي يفوت عليه فرصة الدفاع عن مصالحه
وحقوقه وهذا الأمر فيه خرقا صارخ لمقتضيات الفصل الخامس من قانون المسطرة
المدنية الذي ينص على أنه "يجب على كل متقاض ممارسة حقوقه طبقا لقواعد
حسن النية." لذا وجب الادلاء ببينات صحيحة تسمح التسريع بإجراءات التبليغ وفي
المقابل إذا كانت هناك عرقلة لإجراءات التبليغ فهذا إن دل على شيء فإنه يدل على
سوء نية على مستوى ألية التبليغ.
الفقرة الثالثة: البيانات التي يجب أن يتم احترامها على مستوى استدعاءات التبليغ.
نصت على هذه البيانات مقتضيات الفصل 36 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء
فيه "يستدعي القاضي حالا المدعي والمدعى عليه كتابة إلى جلسة يعين يومها
ويتضمن هذا الاستدعاء:
1 - الاسم العائلي والشخصي ومهنة وموطن أو محل إقامة المدعي والمدعى عليه.
2 - موضوع الطلب.
3 - المحكمة التي يجب أن تبت فيه.
4 - يوم وساعة الحضور.
5 - التنبيه إلى وجوب اختيار موطن في مقر المحكمة عند االقتضاء."
وعليه فإن استدعاءات التبليغ يتضمن البيانات التالية:
- أولا: الاسم العائلي والشخصي وموطن أو محل إقامة المدعي والمدعي عليه وهذا
البيان تكمن أهميته في تحديد المحكمة المختصة محليا في النزاع.
- ثانيا: موضوع الطلب يمكن المدعي عليه من معرفة طبيعة النزاع الذي هو طرفا
فيه ومن تم الاستعداد للدفاع عن نفسه.
- ثالثا: المحكمة التي يجب أن تبت فيه وتكمن أهمية هذا البيان في كون أنه يمكن
المدعي عليه من معرفة المحكمة التي سيلجأ إليها للدفاع عن نفسه.
- رابعا: يوم وساعة الحضور لأن الجلسة تكون في يوم محدد التاريخ وتكون في
ساعة معينة لأن السادة القضاة يعقدون جلساتهم بتحديد اليوم والساعة.
- خامسا: التنبيه إلى وجوب اختيار موطن في مقر المحكمة عند الاقتضاء بمعنى أنه
في حالة ما إذا كان المدعي عليه أي المبلغ له لا يتوافر على موطن أو محل إقامة
في الدائرة التي يتواجد فيها مقر المحكمة المختصة بالنضر في ذلك النزاع لكي يتم
تبليغه فيه فإنه في هذه الحالة على المحكمة أن تنبهه إلى ضرورة اختيار الموطن
الذي ستصله فيه استدعاءات التبليغ وغالبا ما يكون الموطن المختار لدى محامي
وعند اختيار الموطن يسهل على المحكمة استدعاؤه.
بالإضافة إلى وجوب احترام المقتضيات المنصوص عليها في المادة 36 من قانون
المسطرة المدنية يجب احترام المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 38 و 39 من
نفس القانون.
- سؤال: ما هو الجزاء الذي يترتب عن عدم احترام البيانات المنصوص عليها في
الفصول 36 و 38 و 39 من قانون المسطرة المدنية؟
المشرع المغربي لم ينص على مصير التبليغ بمعنى أنه لم ينص على جزاء عدم
احترام البيانات المنصوص عليها في الفصول المشار إليها أعلاه ولكن هذا لم يمنع
القضاء من سد هذا الفراغ التشريعي من خلال قرارات وأحكام صادرة عنه ورد
فيها أن جزاء عدم احترام إجراءات التبليغ هو بطلان ذلك التبليغ وهذا يؤدي إلى
عرقلة إصدار الحكم داخل أجل معقول لأن عملية التبليغ لم تتم كما ينبغي.
الفقرة الرابعة: طرق التبليغ
نصت على طرق التبليغ الفصول 37 و 38 و 39 من قانون المسطرة المدنية وهذه
الطرق هي كالتالي:
- أولا: التبليغ عن طريق أعوان كتابة الضبط
بالرجوع إلى الفقرة الأولى من الفصل 37 من قانون المسطرة المدنية نجدها تنص
على أنه "يوجه الاستدعاء بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط..." وهذ يعني أن التبليغ
يتم عن طريق أعوان كتابة الضبط وأن هذه الطريقة هي الوسيلة الأولى للتبليغ
بالمحكمة المختصة.
وهذه الطريقة من طريق التبليغ انتقدها مجموعة من الفقهاء وكان سندهم في ذلك
عدم كفاءة الأعوان المكلفون بالتبليغ لكون أنهم غالبا لا يملؤون شواهد التسليم التي
تعد مهمة جدا وفقا للبيانات المتطلبة قانونا ويترتب عن ذلك بطلان التبليغ.
رغم أنه حاليا المفوضين القضائيين هم الذين يتولون مهمة التبليغ إلا أن كتابة
الضبط لها دور مهم على مستوى إجراءات التبليغ بحيث أنها تقوم بدور تنسيقي مع
باقي الجهات المكلفة بالتبليغ لكي تتم إجراءات التبليغ على أكمل وجه وكتابة الضبط
تتولى كذلك مهمة إثبات تسلم التبليغات وعون كتابة الضبط هو الذي يتولى هذه
المهمة.
- ثانيا: التبليغ عن طريق المفوضين القضائيين
هذه الطريقة نصت عليها مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 37 من قانون
المسطرة المدنية التي جاء فيها " يوجه الاستدعاء بواسطة...أو أحد الأعوان
القضائيين..."
وهذا المقتضى القانوني خضع لتعديل لأن المفوض القضائي هو الذي حل محل
العون القضائي في القيام بمهمة التبليغ وهذا التعديل تم بموجب القانون رقم 81.03
المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين لأن المفوض القضائي هو الذي أصبحت
لديه مهمة القيام بالتبليغ.
وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 15 من القانون المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين
القضائيين نفهم منها أنها المفوض القضائي هو الذي يختص بمهمة التبليغ.
- ثالثا: التبليغ عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل
هذه الطريقة بدورها نصت عليها مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 37 من قانون
المسطرة المدنية الذي ورد فيها " يوجه الاستدعاء...أو عن طريق البريد برسالة
مضمونة مع الإشعار بالتوصل..."
وهذه الطريقة من طرق التبليغ نص عليها المشرع في المرتبة الثالثة ويتم الرجوع
إلى هذه الطريقة من قبل المحكمة حينما يتعذر التبليغ بالطريقتين الأولى والثانية أي
التبليغ بواسطة أعوان كتابة الضبط أو المفوض القضائي.
وهذه الطريقة من طرق التبليغ تطرح عدة إشكالات عملية من أهمها:
_ إرجاع طي الرسالة بملاحظة مكتوب عليه (غير مطلوب)بمعنى أن طي الرسالة
حينما لا تصل إلى المعني بالأمر يأخذها عون كتابة الضبط ويكتب عليها ملاحظة
(غير مطلوب) وهذه العبارة قد تعني أن المبلغ له رفض تسلمها وقد تعني أنه لم
يتسلمها وقد ذهب اتجاه قضائي إلى تكييف هذه العبارة بأنها تفيد حصول التبليغ
القانوني الصحيح وهنا القضاء المغربي يفسر هذه العبارة بأنها تعني التوصل
وحصول التبليغ الصحيح وقد يتم الإضرار بحق ومصالح المبلغ له لأنه يمكن في
الواقع أن يكون لم يتسلم الرسالة المضمونة مع الاشعار بالتوصل.
وهناك اتجاه قضائي أخر يفسر هذه العبارة بأنها تفيد عدم تسلم الاستدعاء ولا تفيد
رفض تسلم الاستدعاء من البريد وهذا التفسير الإيجابي لفائدة المبلغ له يكون في
القضايا الاجتماعية لحماية الطرف الضعيف في العلاقة الشغلية.
وهناك جانب من الفقه يرى بأنه لا يعقل تكييف عبارة غير مطلوب بأنها رفض
التسلم لكون أنها إذا فسرت على هذه الطريقة فإن لذلك نتائج خطيرة على حقوق
المتقاضي المبلغ له.
- رابعا: التبليغ بالطريقة الإدارية
نصت على هذه الطريقة كذلك مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 37 من قانون
المسطرة المدنية والتي ورد فيها "يوجه الاستدعاء بواسطة...أو بالطريقة الإدارية"
وهذه الطريقة تفيد بأن هناك جهات أخرى تتدخل في عملية التبليغ وهي السلطة
الإدارية بحيث أنه إلى جانب أعوان كتابة الضبط والأعوان القضائيين والرسالة
المضمونة مع الإشعار بالتوصل هناك السلطات الإدارية خاصة على مستوى القرى
والبوادي ونتحدث هنا عن (الشيخ، القائد، المقدم).
وهذه الطريقة أيضا يشوبها نقصان لكون أن أشخاص السلطة الإدارية من شيوخ
ومقدمين ودرك ملكي هذه الجهات لها مهام أصلية مسندة إليها وصعبة جدا ملقاة
على عاتقها تتعلق بضمان الأمن والاستقرار لفائدة المواطنين والوطن بأكمله
وحفض كذلك النظام العام وإلى جانب كل هذه المهام أسندت إليهم كذاك مهمة التبليغ
التي تعتبر بدورها من المهام الصعبة ويترتب عن ذلك أنه لن تؤدى مهمة التبليغ
على أكمل وجه وهذا يشكل عائق أمام فعالية التبليغ الذي يتم بواسطة السلطات
الإدارية.
- خامسا: التبليغ بواسطة الطريقة الدبلوماسية أو عن طريق البريد المضمون للمقيم
خارج المغرب
نتحدث عن هذه الطريقة عند التبليغ لشخص غير مقيم بالمغرب أي مقيم خارج
المغرب ونصت على هذه الطريقة مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 37 من
قانون المسطرة المدنية التي ورد فيها "إذا كان المرسل إليه يقيم خارج المغرب،
يوجه الاستدعاء بواسطة السلم الإداري على الطريقة الدبلوماسية أو بواسطة البريد
المضمون، عدا إذا كانت مقتضيات الاتفاقيات الدولية تقضي بغير ذلك"
ويفهم من هذه الفقرة أنه إذا كان المبلغ له يقيم خارج المغرب فالاستدعاء الذي
يتعلق بالتبليغ سيوجه له بواسطة السلم الإداري على الطريقة الدبلوماسية أو بواسطة
البريد المضمون عدا إذا كانت مقتضيات الاتفاقيات الدولية تقضي بخلاف ذلك.
بمعنى أنه قد لا تبلغ استدعاءات التبليغ لا عن الطريقة الدبلوماسية ولا عن طريق
البريد المضمون إذا كانت الاتفاقيات المبرمة مع الدولة المتواجد به المبلغ إليه
تقضي بطريقة معينة للتبليغ حيت في هذه الحالة يتم تنفيذ المقتضيات الواردة في
الاتفاقيات الدولية التي ستكون هي الأولى بالتطبيق على قواعد قانون المسطرة
المدنية.
الطريقة الدبلوماسية بدورها يعتريها نقصان حيت أنه في حالة كترة القضايا التي
يكون فيها المبلغ له خارج الوطن ذلك سيؤدي إلى اتسام هذه الطريقة بالبطء وكذلك
تكون هذه الطريقة بطيئة إذا كان المبلغ له قد غير عنوانه، وبالتالي فإنه يرى بعض
الباحتين أنه في حالة فشل الطريقة الدبلوماسية يتم اللجوء إلى طريقة البريد
المضمون مع الإشعار بالتوصل.
المشرع المغربي نص على أجال محددة ومختلفة للحضور إذا تعلق الأمر بتبليغ
خارج المغرب بمعنى أنه إذا وجه استدعاء التبليغ لشخص مقيم خارج المغرب فإنه
يجب احترام أجال مختلفة ومحددة حسب ما نص عليه الفصل 41 من قانون
المسطرة المدنية الذي ورد فيه "إذا لم يكن للطرف الذي وقع استدعاؤه لا موطن
ولا محل إقامة في دوائر نفوذ محاكم المملكة فإن أجل الحضور يحدد فيما يلي:
- إذا كان يسكن بالجزائر أو تونس أو إحدى الدول الأوروبية: شهران؛
- إذا كان يسكن بدولة افريقية أخرى أو آسيا أو أمريكا: ثلاثة أشهر؛
- إذا كان يسكن بالاقيانوس: أربعة أشهر.
تطبق الآجال العادية عدا إذا مددها القاضي بالنسبة إلى الاستدعاءات التي سلمت
إلى الشخص بالمغرب الذي لا يتوفر بعد على موطن ومحل إقامة."
- سادسا: التبليغ بواسطة القيم
القيم هو شخص يتم تعيينه من قبل القاضي لتبليغ الاستدعاء في الأحوال التي يكون
فيها موطن أو محل إقامة الطرف غير معروف بمعنى إذا تعلق الأمر بتبليغ موجه
لشخص غير معروف محل إقامته أو موطنه.
وعليه فإذا تعلق الأمر باستدعاء موجه لشخص مجهول موطنه أو محل إقامته فإن
المحكمة تعين شخصا يسمى بالقيم من بين أعوان كتابة الضبط بالمحكمة المعنية هذا
ما نصت عليه الفقرة السابعة من الفصل 39 من قانون المسطرة المدنية التي جاء
فيها "يعين القاضي في الأحوال التي يكون فيها موطن أو محل إقامة الطرف غير
معروف عونا من كتابة الضبط بصفته قيما يبلغ إليه الاستدعاء."
والقيم يتم تعيينه من بين أعوان كتابة الضبط كما يعين من بين المفوضين القضائيين
لأن المفوض القضائي هو الذي أصبح يقوم بمهمة التبليغ والقيم أتناء قيامه بهذه
المهمة فإنه يخضع لرقابة النيابة العامة.
سؤال: أين تكمن أهمية تعيين القيم؟
تكمن أهمية تعيين القيم في البحت عن الطرف الذي موطنه مجهول وغير معروف
لتبليغه والذي ترغب المحكمة في تبليغ الاستدعاء له ويقوم القيم بهذه المهمة
بمساعدة النيابة العامة والسلطات الإدارية حسب ما نصت عليه الفقرة الثامنة من
الفصل 39 من قانون المسطرة المدنية والتي جاء فيها "يبحث هذا القيم عن الطرف
بمساعدة النيابة العامة والسلطات الإدارية ويقدم كل المستندات والمعلومات المفيدة
للدفاع عنه دون أن يكون الحكم الصادر نتيجة القيام بهذه الإجراءات حضوريا"
وبخصوص الحكم الذي تصدره المحكمة بعد ذلك لا يكون حضوريا بل يكون غيابيا
وذلك بمفهوم المخالفة للعبارة الأخيرة الواردة في الفقرة الثامنة من الفصل 39 من
قانون المسطرة المدنية "دون أن يكون الحكم الصادر نتيجة القيام بهذه الإجراءات
حضوريا".
وفي حالة تم التوصل إلى موطن أو محل إقامة الطرف الذي كان يجهل موطنه فإن
القيم يخبر بذلك القاضي الذي عينه لهذه المهمة وفي نفس الوقت يخطر الطرف
المعني برسالة مضمونة عن حالة المسطرة أي المراحل التي مرت بها المسطرة
وبالتالي تنتهي مهمة القيم بالنيابة عن صاحب الموطن المجهول.
الفقرة الخامسة: الجهات التي يوجه إليها التبليغ
بالنسبة للقضية التي تتعلق بأشخاص طبيعيين هذا التبليغ يتم لفائدة هؤلاء الأشخاص
الطبيعيين.
- سؤال: إذا كانت القضية أحد أطرافها شخص معنوي فهل سيتم للتبليغ لفائدة
الشخص المعنوي؟
التبليغ يوجه إلى ممثل الشخص المعنوي فمثلا بالرجوع إلى الفصل 516 من قانون
المسطرة المدنية نجده ينص على أنه "توجه الاستدعاءات والتبليغات وأوراق
الاطلاع والإنذارات والإخطارات والتنبيهات المتعلقة بفاقدي الأهلية والشركات
والجمعيات وكل الأشخاص الاعتباريين الآخرين إلى ممثليهم القانونيين بصفتهم
هذه"
وعليه فالاستدعاءات الخاصة بالأشخاص المعنوية توجه إلى ممثليهم القانونيين
وهؤلاء الممثلين القانونيين يكونوا أشخاص طبيعيين وهم الذين يوجه إليهم
الاستدعاء القانوني.
وينص المشرع كذلك على كون الاستدعاء يوجه إلى الأشخاص الاعتباريين وذلك
في شخص الممثل القانوني للشخص الاعتباري حيث ورد في الفصل 515 من
قانون المسطرة المدنية على أنه " ترفع الدعوى ضد:
1 - الدولة، في شخص رئيس الحكومة وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند
الاقتضاء؛
2 - الخزينة، في شخص الخازن العام؛
3 - الجماعات المحلية، في شخص العامل بالنسبة للعمالات والأقاليم، وفي شخص
رئيس المجلس القروي بالنسبة للجماعات؛
4 - المؤسسات العمومية، في شخص ممثلها القانوني؛
5 - المديرية العامة للضرائب، في شخص المدير العام للضرائب فيما يخص
النزاعات المتعلقة بالقضايا الجبائية التي تدخل ضمن اختصاصاتها؛
6 - مديرية أملاك الدولة، في شخص مدير أملاك الدولة فيما يخص النزاعات التي
تهم الملك الخاص للدولة."
انطلاقا من مقتضيات هذان الفصلين يفهم بكون أن التبليغ إلى الشخص المعنوي
يستلزم أن يوجه إلى ممثله القانوني الذي هو شخص طبيعي.
الفقرة السادسة: المكان الذي يتم فيه التبليغ
أهمية تحديد المكان الذي يتم فيه التبليغ تكمن في معرفة وتحديد المحكمة المختصة
محليا.
- مثال: التبليغ لشخص يقطن بالقنيطرة إذن فالمحكمة المختصة محليا هي المحكمة
الابتدائية بالقنيطرة.
مكان التبليغ يسمى بالموطن وهناك الموطن الأصلي أو الموطن العام والموطن
الخاص ثم هناك الموطن المختار.
- أولا: الموطن الأصلي
الفقهاء والباحثين يعرفون الموطن الأصلي أو الموطن العام بأنه الموطن الذي يستقر
فيه الشخص ويعتد به في نشاطه العام والعائلي بصفة خاصة ويختاره بإرادته ما دام
أنه هو الذي يختار المكان الذي يستقر فيه بصفة عادية ومستقرة ويتخذه مقرا
لأسرته.
والتبليغ يتم في الموطن العام حتى وإن كان للشخص المعني بالأمر موطن خاص.
- مثال: شخص لديه موطن خاص وموطن عام فالتبليغ سيتم في الموطن العام
بالنسبة للقضية التي لها علاقة بحقوقه العائلية وأمواله الشخصية.
وهذا المقتضى يفهم من الفصل 519 من قانون المسطرة المدنية الذي ورد فيه
"يكون موطن كل شخص ذاتي هو محل سكناه العادي ومركز أعماله ومصالحه.
إذا كان للشخص موطن بمحل ومركز أعماله بمحل آخر اعتبر مستوطنا بالنسبة
لحقوقه العائلية وأمواله الشخصية بمحل سكناه العادي وبالنسبة لحقوقه الراجعة
لنشاطه المهني بالمحل الذي يوجد به مركز أعماله ومصالحه دون أن يتعرض
للبطلان أي إجراء سلم لهذا العنوان أو ذلك."
بمعنى إذا تعلق الأمر بالحقوق المتعلقة بقضية مرتبطة بالمسائل العائلية وبأمواله
الشخصية هنا محل التبليغ هو محل سكناه العادي أما إذا تعلق الأمر بالحقوق
المرتبطة بالنشاط المهني هنا التبليغ يكون بالمحل الذي توجد به مركز أعماله
ومصالحه دون أن يتعرض للبطلان إجراء التبليغ الذي يخالف ذلك.
- مثال: نفترض أن شخص له موطن عام هو محل سكناه العادي سيتم التبليغ في هذا
المحل إذا تعلق الأمر بمسائل عائلية أو بأمواله الشخصية أما إذا تعلق الأمر بنزاع
أو دعوى ترتبط بمسائل مهنية في هذه الحالة سيتم التبليغ في المكان الذي توجد به
مصالحه وأعماله.
وقد ورد في الفقرة الأخيرة من الفصل 519 من قانون المسطرة المدنية على أنه
"...دون أن يتعرض للبطلان أي إجراء سلم لهذا العنوان أو ذلك."
- مثال: نزاع يتعلق بالحقوق العائلية والشخصية لموظف عمومي بلغ في محل عمله
ولم يبلغ في محل سكناه العادي في هذه الحالة ينص المشرع على أن هذا التبليغ لا
يعتبر باطلا بل صحيحا والعكس صحيح إذا تعلق الأمر بأمور مهنية وبلغ المعني
بالأمر في محل سكنه ولم يبلغ في محل العمل في هذه الحالة يكون كذلك إجراء
التبليغ صحيحا.
- ثانيا: الموطن الخاص:
أنواع الموطن الخاص هم المقر الاجتماعي والموطن القانوني تم محل الإقامة.
1 _ المقر الاجتماعي:
نصت عليه مقتضيات الفصل 522 من قانون المسطرة المدنية الذي ورد فيه "يكون
موطن شركة هو المحل الذي يوجد به مركزها الاجتماعي ما لم تكن هناك
مقتضيات قانونية تنص على خلاف ذلك."
من خلال مقتضيات هذا الفصل يتضح أن التبليغ فيما يخص بالنسبة للشركة في
مركزها الاجتماعي وهو الذي تتواجد فيه هيئات الشركة الرئيسية وتحيا فيه حياتها
القانونية.
2 _ الموطن القانوني:
بمعنى يفرضه القانون فهو مقرر بمقتضى قاعدة قانونية والشخص المعني بالتبليغ
ليس له أي دخل في اختياره.
مثال: المشرع نص على الموطن القانوني للشخص فاقد الأهلية إذا كان طرفا في
القضية وهو موطن حاجره الذي سيوجه إليه التبليغ أي أن بالنسبة لفاقد الأهلية يقع
في موطن نائبه الشرعي وهو الذي عبر عليه المشرع المغربي في الفقرة الأولى
من الفصل 521 من قانون المسطرة المدنية بالحاجر ويتم التبليغ لفائدة الحاجر لأن
فاقد الاهلية الذي يكلف بمباشرة تصرفاته القانونية نيابة عنه هو نائبه القانوني هو
الحاجر ولهذا يتم التبليغ لموطن حاجره.
المشرع المغربي نص على الموطن القانوني فيما يخص تبليغ الموظف العمومي فقد
نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 521 من قانون المسطرة المدنية على أنه "يكون
الموطن القانوني للموظف العمومي هو المحل الذي يمارس به وظيفته."
بمعنى إذا تعلق الأمر بتبليغ موظف عمومي فيجب أن يبلغ في المكان الذي يمارس
فيه وظيفته.
- مثال: إذا كان شخص موظف بمحافظة معينة فيجب أن يتم تبليغه في تلك
المحافظة.
والمشرع لم يحدد هل يتم التبليغ إلى الموظف العمومي في محل وظيفته إذا تعلق
الدعوى بالشؤون العائلية والشخصية أم إذا تعلقت الدعوى بالشؤون الوظيفية ويرى
مجموعة من الفقهاء والباحثين أنه يبلغ الموظف العمومي في محل وظيفته فيما
يخص كل شؤون الموظف الشخصية والعائلية تم الوظيفية لأن الموظف العمومي لا
يتواجد بموطنه الأصلي في الأوقات القانونية للتبليغ كما أنه يجب تبليغه في الموطن
القانوني لضمان تبلغه باستدعاء الدعوى وكذلك أن يبلغ الموظف العمومي في
موطنه القانوني المحدد بموجب الفصل 521 من قانون المسطرة المدنية أضمن أن
يبلغ في موطنه الأصلي أي محل سكناه.
- 3 _ محل الإقامة:
نصت عليه مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 38 من قانون المسطرة المدنية التي
ورد فيها "يعتبر محل الإقامة موطنا بالنسبة لمن لا موطن له بالمغرب." ومعنى
ذلك أن محل الإقامة يحل محل الموطن الأصلي بالنسبة للشخص الذي ليس لديه
موطن بالمغرب.
وقد نصت مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 520 من قانون المسطرة المدنية على
أنه "يكون محل الإقامة هو المحل الذي يوجد به الشخص فعلا في وقت معين."
- ثانيا: الموطن المختار
هو الموطن الذي يختاره الشخص لتنفيذ عمل قانوني معين.
والمشرع المغربي يرجح الموطن المختار على الموطن الحقيقي(الأصلي- العام) أو
الموطن القانوني إذا تعلق الأمر بتنفيذ بعض الإجراءات وإنجاز أعمال والتزامات
ناشئة عنها حسب ما نص عليه الفصل 524 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء
فيه "يرجح الموطن المختار الخاص بتنفيذ بعض الإجراءات وإنجاز أعمال
والتزامات ناشئة عنها على الموطن الحقيقي والموطن القانوني."
مثال: المشرع نص في إطار الفقرة الثانية من الفصل 13 من قانون التحفيظ
العقاري على أنه " يقدم طالب التحفيظ تصريحا للمحافظ على الأملاك العقارية
مقابل وصل يسلمه له فورا مطلبا موقعا من طرفه أو ممن ينوب عنه بوكالة
صحيحة يتضمن لزوما ما يلي:
...
2 - تعيين عنوان موطن مختار في الدائرة الترابية التابعة لنفوذ الحافظة العقارية
الموجود بها الملك، إذا لم يكن لطالب التحفيظ محل إقامة في هذه الدائرة..."
نفهم من هذه المقتضيات أن الموطن المختار لابد من الإشارة إليه إذا تعلق الأمر
بنزاع مرتبط بعقار معين وذلك العقار متواجد مثلا بوجدة والشخص المعني بالأمر
يقطن بالقنيطرة في هذه الحالة ممكن لهذا الشخص بدلا من أن يبلغ في موطنه
الحقيقي المتواجد بالقنيطرة أو موطنه القانوني على سبيل المثال مكان تواجد مهنته
إذا كان موظفا عموميا أن يختار موطن في وجدة يبلغ فيه عوض موطنه الحقيقي أو
الموطن القانوني وهذا الموطن المختار يجب أن يكون في دائرة المحافظ العقارية
التابع لها العقار موضوع النزاع.
ونص كذلك المشرع في حالات معينة على إلزامية تعيين موطن مختار وإن كان
للشخص موطن عام أو موطن قانوني وهذا ما يستفاد من مقتضيات الفقرة الأولى
من الفصل 330 من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها "يجب على كل طرف
يقيم خارج دائرة نفوذ المحكمة المرفوع إليها الاستيناف أن يعين موطنا مختارا في
مكان مقرها، ويجب أن يتضمن كل تبليغ إلى شخص لم يدخل بعد في الدعوى عند
الاقتضاء تنبيهه بتعيين موطن مختار.
المطلب الثالث: إجراءات التحقيق في الدعوى
_ تعريف إجراءات التحقيق في الدعوى:
إجراءات التحقيق هي مختلف وسائل الإثبات المنصوص عليها في الفصل 55 من
قانون المسطرة المدنية والتي يمكن للقاضي أو للمحكمة اتخادها من أجل الفصل في
الدعوى.
_ الفرق بين إجراءات التحقيق وإجراءات الدعوى:
إجراءات الدعوى هي أوسع وأشمل من إجراءات التحقيق لأنها تشمل كل
الإجراءات انطلاقا من تقديم المقال الافتتاحي للدعوى أو تصريح إلى تعيين القاضي
المقرر أو المكلف بالقضية مرورا بإجراءات التبليغ وصولا إلى إجراءات التحقيق
في الدعوى.
أما إجراءات التحقيق فمفهومها ضيق كونها تشمل فقط مجموعة من وسائل الإثبات
المنصوص عليها في الفصول من 55 إلى الفصل 102 من قانون المسطرة المدنية.
المشرع المغربي نظم وسائل الإثبات في إطار قانون المسطرة المدنية ولكن قبل أن
ينظم هذه الوسائل في إطار قانون المسطرة المدنية فإنه نظمها في إطار قواعد
قانون الالتزامات والعقود بحيث أن الفصل 404 من قانون الالتزامات والعقود نص
على أن "وسائل الإثبات التي يقررها القانون هي:
1 – إقرار الخصم
2 – الحجة الكتابية
3 – شهادة الشهود
4 – القرينة
5 – اليمين والنكول عنها."
ونجد بأن المشرع المغربي نص كذلك على وسائل الإثبات في قانون المسطرة
المدنية غير تلك التي ذكرها الفصل 404 من قانون الالتزامات والعقود وذلك من
خلال الفصل 55 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه "يمكن للقاضي بناء على
طلب الأطراف أو أحدهم أو تلقائيا أن يأمر قبل البت في جوهر الدعوى بإجراء
خبرة أو وقوف على عين المكان أو بحث أو تحقيق خطوط أو أي إجراء آخر من
إجراءات التحقيق.
يمكن لممثل النيابة العامة أن يحضر في كل إجراءات التحقيق التي أمرت بها
المحكمة."
وعليه يمكن القول أن وسائل الإثبات التي نظمها قانون المسطرة المنية هي:
1 – الخبرة
2 – معاينة الأماكن
3 – تحقيق الخطوط والزور الفرعي
4 _ شهادة الشهود التي نظمها المشرع في إطار قانون المسطرة المدنية في فرع
عنونه بالأبحاث ونظمه كذلك في عنوان أخر سماه باليمين.
المشرع المغربي نظم إجراءات التحقيق في إطار الباب الثالث من قانون المسطرة
المدنية وخصص الفرع الأول لمقتضيات عامة تتعلق بإجراءات التحقيق والفرع
الثاني خصصه للخبرة والفرع الثالث خصصه لمعاينة الأماكن أما الفرع الرابع
فخصصه لتنظيم الأبحاث أو ما يسمى بشهادة الشهود وخصص الفرع الخامس
لليمين وبخصوص الفرع السادس فخصصه لتحقيق الخطوط والزور الفرعي.
الفقرة الأولى: الخبرة
- أولا: المقصود بالخبرة
هي استشارة تقنية تطلبها المحكمة من شخص ذي كفاءة علمية تؤهله لمعاينة وقائع
مادية يصعب على المحكمة معاينتها لافتقادها لتلك الكفاءة في ذلك الجانب التقني.
بتعبير أخر الخبرة هي إجراء من خلاله يتمكن القضاء من الوصول إلى إثبات
واقعة يدعيها أحد الخصوم أو نفيها ويتمكن القضاء من الوصول إلى تلك الواقعة
بفضل التخصص الفني أو التقني الذي يتميز به الخبير عن غيره.
يقوم بها الخبير لكون ذلك النزاع الذي نشأ بين الخصوم يحتاج للوصول فيه إلى
حكم عادل ومن تم لابد من الاستعانة بالخبرة لوقائع ذلك النزاع في الجانب التقني
الذي يجعله السادة القضاة ولكي تكتمل لديهم المعرفة الكاملة بحقيقة ذلك النزاع
وبالتالي الوصول إلى حكم عادل لابد من الاستعانة بخبير والمشرع المغربي نظم
الخبرة بموجب الفصول من 59 إلى 66 من قانون المسطرة المدنية.
- سؤال: هل القاضي يعين الخبير من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الأطراف أو أحد
أطرف الدعوى؟
أجابت عن هذا الإشكال الفقرة الأولى من الفصل 55 من قانون المسطرة المدنية
التي جاء فيه "يمكن للقاضي بناء على طلب الأطراف أو أحدهم أو تلقائيا أن يأمر
قبل البت في جوهر الدعوى بإجراء خبرة أو وقوف على عين المكان أو بحث أو
تحقيق خطوط أو أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق." ومن هنا نفهم بأن القاضي
يمكن أن يعين الخبير من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الأطراف أو أحدهم لكن يأمر
بذلك قبل البت في جوهر الدعوى.
وكذلك بالرجوع إلى الفقرة الأولى من الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية الذي
جاء فيه "إذا أمر القاضي بإجراء خبرة عين الخبير الذي يقوم بهذه المهمة تلقائيا أو
باقتراح الأطراف واتفاقهم." ويفهم من هذه الفقرة بأنه يأمر القاضي بإجراء خبرة
تلقائيا أو باقتراح الأطراف واتفاقهم.
سؤال: هل يحق للخبير أن يجيب عن سؤال يخرج عن اختصاصه الفني وله علاقة
بالقانون؟
الإجابة عن هذا السؤال وردت في إطار مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 59 من
قانون المسطرة المدنية التي ورد فيها "يجب على الخبير أن يقدم جوابا محددا
وواضحا على كل سؤال فني كما يمنع عليه الجواب على أي سؤال يخرج عن
اختصاصه الفني وله علاقة بالقانون"
إذن الخبير لا يحق له أن يجيب عن سؤال له علاقة بالجانب القانوني لأن الخبير
يقدم جواب محدد وواضح عن الأسئلة الفنية ويمنع عليه الإجابة عن الأسئلة التي
تخرج عن اختصاصه ولها علاقة بالقانون لأنه بذلك سينازع القاضي في اختصاصه
ولأن ما جعل القاضي يعين الخبير هو افتقاده لذلك الجانب التقني أما الجانب
القانوني فالقاضي أدرى به ولا يحتاج لتعيين خبير لكي يقدم له استشارة قانونية.
سؤال: هل القاضي ملزم بتعيين خبير واحد في القضية أو من الممكن أن يعين أكتر
من خبير في نفس القضية؟
الإجابة عن هذا السؤال نجدها في الفقرة الأولى من الفصل 66 من قانون المسطرة
المدنية التي جاء فيها "إذا اعتبر القاضي أن الخبرة يجب أن لا تقع عن خبير واحد
فإنه يعين ثلاثة أو أكثر حسب ظروف القضية" المشرع بين لنا أن القاضي إذا لم
يكفيه خبير واحد فإنه يمكن أن يعين ثلاثة أو أكثر حسب ظروف القاضي وحسب
السلطة التقديرية للسيد القاضي.
بل الأكثر من ذلك أن القاضي يحق له ألا يأخذ برأي الخبير الذي عينه ويعين خبير
أخر من أجل توضيح الجوانب التقنية في النزاع وهذا ما نصت عليه مقتضيات
الفقرة الأخيرة من الفصل 66 من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها "لا يلزم
القاضي بالأخذ برأي الخبير المعين ويبقى له الحق في تعيين أي خبير آخر من أجل
استيضاح الجوانب التقنية في النزاع."
نفهم كون أن القاضي يحق له ألا يكتفي بخبير واحد في القضية وأن يعين أكتر من
خبير حسب ما يراه مفيد للقضية ويمكن له إذا عين ذلك الخبير ألا يأخذ برأيه ويعين
خبير أخر ليأخذ برأيه في ذلك.
-سؤال: نفترض أنه صدرت أراء مختلفة عن الخبراء الذين تم تعيينهم في القضية ما
هو الرأي الذي يجب أن يعمل به القاضي أو ستعمل به المحكمة؟
الإجابة عن هذا الإشكال واردة الفقرة الثانية من الفصل 66 من قانون المسطرة
المدنية التي جاء فيها "يقوم الخبراء بأعمالهم مجتمعين ويحررون تقريرا واحدا،
فإذا كانت آراؤهم مختلفة بينوا رأي كل واحد والأسباب المساندة له مع توقيعه من
طرف الجميع."
سؤال: هل رأي الخبير ملزم للمحكمة وللقاضي؟
الإجابة عن هذه الإشكالية واردة في مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 66 من
قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها "لا يلزم القاضي بالأخذ برأي الخبير المعين
ويبقى له الحق في تعيين أي خبير آخر من أجل استيضاح الجوانب التقنية في
النزاع." ويفهم من خلال هذه الفقرة بأن المحكمة غير ملزمة بأي حال من الأحوال
أن تأخذ برأي الخبير أو الخبراء ولها سلطة تقديرية واسعة في ذلك وهي في حالة
عدم الأخذ برأي الخبير أو الخبراء ملزمة بتعليل موقفها وإلا عرضت حكمها أو
قرارها للطعن بالنقض طبقا لمبدأ تسبيب الأحكام.
- سؤال: ما هي طريقة عمل الخبير؟
طريقة عمل الخبير وضحتها لنا مقتضيات قانون المسطرة المدنية فبمجرد تعيين
الخبير من قبل المحكمة يتعين عليه القيام بما يلي:
_ استدعاء الأطراف ووكلائهم لحضور إنجاز الخبرة مع إمكانية استعانة هؤلاء
الأطراف بأي شخص يرون فائدة في حضوره.
وفي حالة عدم احترام الخبير لهذا الإجراء يترتب عن ذلك بطلان الخبرة وهذا ما
نص عليه المشرع صراحة في الفقرة الأولى من الفصل 63 من قانون المسطرة
المدنية التي جاء فيها "يجب على الخبير تحت طائلة البطلان، أن يستدعي الأطراف
ووكلاءهم لحضور إنجاز الخبرة، مع إمكانية استعانة الأطراف بأي شخص يرون
فائدة في حضوره"
_ يجب على الخبير ألا يقوم بمهمته إلا بحضور أطراف النزاع ووكلائهم أو بعد
التأكد من توصلهم بالاستدعاء بصفة قانونية.
- سؤال: لنفترض بأن هذا الخبير استدعى الأطراف ووكلائهم وتوصلوا بالاستدعاء
بصفة قانونية ولكن مع ذلك لم يحضروا يوم إنجاز الخبرة هل يحق للخبير أن ينجز
الخبرة؟
يجب على الخبير ألا يقوم بمهمته إلا بحضور أطراف النزاع ووكلائهم أو بعد التأكد
من توصلهم بالاستدعاء بصفة قانونية إلا إذا أمرت المحكمة بخلاف ذلك في حالة
الاستعجال وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل 63 من قانون المسطرة
المدنية التي جاء فيها "يجب عليه أن لا يقوم بمهمته إلا بحضور أطراف النزاع
ووكلائهم أو بعد التأكد من توصلهم بالاستدعاء بصفة قانونية ما لم تأمر المحكمة
بخلاف ذلك إذا تبين لها أن هناك حالة استعجال."
القاعدة هي أنه لا يمكن للخبير إنجاز الخبرة دون حضور الأطراف ووكلائهم ولكن
هذه القاعدة يرد عليه استثناء بحيث يمكن للخبير إنجاز الخبرة بدون حضور
أطراف النزاع ووكلائهم لكن شريطة أن يتم التأكد من توصلهم بالاستدعاء بصفة
قانونية وهناك استثناء أخر وذلك إذا أمرت المحكمة بذلك إذا تبين لها أن هناك حالة
استعجال بمعنى إذا تبين للمحكمة أن هناك حالة استعجالية لا تنتظر هذه الأخيرة
التأكد من توصل الأطراف ووكلائهم بالاستدعاء بصفة قانونية بل تأمر بإنجاز
الخبرة رغم عدم حضور الأطراف ووكلائهم.
القضاء المغربي اعتبر هذه المقتضيات ذات صبغة أمرة لأنها تتعلق باحترام حقوق
الدفاع التي تدخل في إطار المبادئ العامة للتنظيم القضائي وبالضبط في إطار
المبادئ المكرسة للمحاكمة العادلة ومحكمة النقض في قرار لها قضت [بأن المحكمة
قد خرقت مقتضيات الفصل 63 من قانون المسطرة المدنية حينما بررت عدم
استدعاء الخصم لحضور الخبرة الطبية بكونه شخصا عاديا لا يمكن له القيام بأي
دور في موضوع الخبرة التي تستند على معلومات وأجهزة طبية هي في متناول
الخبير وحده].
_ الخبير يقوم بتحرير تقرير مرفق بمحضر يضمن فيه أقوال الأطراف
وملاحظاتهم ويوقعون على ذلك المحضر مع الخبير وفي حالة رفض التوقيع يجب
على الخبير أن يشير إلى ذلك وهذا ما نصت عليه الفقرة الثالثة من الفصل 63 من
قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها "يضمن الخبير في محضر مرفق بالتقرير
أقوال الأطراف وملاحظاتهم ويوقعون معه عليه مع وجوب الإشارة إلى من رفض
منهم التوقيع."
_ يمكن للقاضي في حالة لم يجد في تقرير الخبرة الأجوبة على النقط التي طرحها
على الخبير أن يأمر بإرجاع التقرير إلى الخبير قصد إتمام المهمة وهذا ما نصت
عليه مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 64 من قانون المسطرة المدنية التي ورد
فيها "يمكن للقاضي إذا لم يجد في تقرير الخبرة الأجوبة على النقط التي طرحها
على الخبير أن يأمر بإرجاع التقرير إليه قصد إتمام المهمة."
وفي هذا الإطار جاء في قرار لمحكمة النقض ورد فيه [المحكمة التي أصدرت
القرار المطعون فيه حدد نسبة الألم انطلاقا من خبرة التي تقدم بها الخبير رغم عدم
الوضوح ورغم الغموض الذي يحيط بقراءة تلك النسبة وأن من المبادئ العامة أن
الأحكام يجب أن تبنى على اليقين وليس على الشك وأن الفصل 64 من قانون
المسطرة المدنية خول للمحكمة في حالة عدم توفر الخبرة على البيانات الكافية
إمكانية الأمر بحضور الخبير لتقديم التوضيحات اللازمة وأن عدم مراعاة تلك
المعطيات يجعل قرار المحكمة مشوبا بسوء التعليل الموازي لانعدامه].
الخبير يقوم بمهمته تحت مراقبة القاضي الذي يمكن له حضور عمليات الخبرة إذا
اعتبر ذلك مفيدا لأنه هو من أمر بالخبرة حسب ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من
الفصل 63 من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها "يقوم الخبير بمهمته تحت
مراقبة القاضي الذي يمكن له حضور عمليات الخبرة إذا اعتبر ذلك مفيدا."
_ يمكن للقاضي تلقائيا أو بناء على طلب أحد الأطراف استدعاء الخبير لحضور
الجلسة التي يستدعي لها جميع الأطراف لتقديم التوضيحات والمعلومات اللازمة
التي تضمن في محضر يوضع رهن إشارة الأطراف حسب ما نصت عليه الفقرة
الثانية من الفصل 64 من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها "كما يمكنه تلقائيا أو
بطلب من أحد الأطراف استدعاءه لحضور الجلسة التي يستدعى لها جميع الأطراف
لتقديم الإيضاحات والمعلومات اللازمة التي تضمن في محضر يوضع رهن إشارة
الأطراف."
_ إذا احتاج الخبير أتناء قيامه بمهامه إلى ترجمة شفوية أو كتابية يتعين أن يستعين
بترجمان من بين المدرجين بالجدول أو الالتجاء إلى القاضي حسب ما نصت عليه
الفقرة الأولى من الفصل 65 من قانون المسطرة المدنية التي ورد فيها "إذا احتاج
الخبير أثناء قيامه بمهامه إلى ترجمة شفوية أو كتابية تعين عليه اختيار ترجمان من
بين المدرجين بالجدول أو الالتجاء إلى القاضي."
- سؤال: هل يخضع الخبراء للتجريح؟
الجواب هو نعم حسب ما نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 62 من قانون
المسطرة المدنية التي ورد فيها "يمكن تجريح الخبير الذي عينه القاضي تلقائيا
للقرابة أو المصاهرة بينه وبين أحد الأطراف إلى درجة ابن العم المباشر مع إدخال
الغاية..."
الخبير الذي يمكن تجريحه هو الذي عينه القاضي من تلقاء نفسه وليس الذي عين
بناء على اتفاق الأطراف ولكن هناك حالة استثناء بحيث يمكن تجريح الخبير الذي
عينه القاضي بناء على اتفاق بين الأطراف في حالة إذا حدثت أسباب هذا التجريح
لاحقا لهذا الاتفاق.
هكذا فالمبدأ أنه لا يمكن المطالبة بتجريح الخبير الذي تم تعيينه من طرف القاضي
بناء على اتفاق الأطراف لكن إذا افترضنا أن أسباب التجريح لم تظهر إلا بعد أن
اتفق الأطراف في هذه الحالة فقط يحق تجريح الخبير سواء الذي عينه القاضي من
تلقاء نفسه أو الذي عينه القاضي بناء على اتفاق الأطراف.
سؤال: ما هي أسباب تجريح الخبير؟
أسباب التجريح هي تلك المنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 62 من
قانون المسطرة المدنية وهي:
-القرابة أو المصاهرة بين الخبير أو بين أحد الأطراف إلى درجة ابن العم المباشر
مع إدخال الغاية.
-إذا كان هناك نزاع بين الخبير وبين أحد الأطراف.
-إذا عين الخبير لإنجاز الخبرة في غير مجال اختصاصه.
-إذا سبق للخبير أن أبدى رئيا أو أدلى بشهادة في موضوع النزاع.
-إذا كان الخبير مستشارا لأحد الأطراف.
-لأي سبب خطير وتحديد هذه الخطورة يدخل في إطار السلطة التقديرية للقاضي.
-سؤال: ما هي إجراءات التجريح؟
نصت عليها الفقرة الثانية من الفصل 62 من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها
"يتعين تقديم طلب التجريح داخل أجل خمسة أيام من تاريخ تبليغ المقرر القضائي
بتعيين الخبير." وعليه لنفترض أن القاضي أصدر أمرا بإجراء الخبرة وتم استدعاء
الأطراف فإنه في حالة رغب أحد الأطراف تقديم طلب التجريح إذا ظهرت الأسباب
بعد الاتفاق يتعين عليه تقديم طلب التجريح داخل أجل خمسة أيام من تاريخ تبليغ
المقرر القضائي بتعيين الخبير.
وقد نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 62 من قانون المسطرة المدنية على أنه "تبت
المحكمة في طلب التجريح داخل خمسة أيام من تاريخ تقديمه، ولا يقبل هذا المقرر
أي طعن إلا مع الحكم البات في الجوهر."
+ قاعدة هامة:
لا يقبل المقرر القضائي بتعيين الخبير أي طعن إلا مع الحكم البات في الجوهر،
فالمقرر القضائي الذي يتم تعيين الخبير بمقتضاها لا يقبل أن يطعن فيه إلا عندما
يتم الطعن في الحكم البات في الجوهر.
الفقرة الثانية: معاينة الأماكن
- أولا: المقصود بمعاينة الأماكن
_ معاينة الأماكن الوقوف على عين المكان لمشاهدة موضوع النزاع ويحصل ذلك
في الغالب في النزاعات العقارية لأن في النزاعات العقارية نجد القاضي المقرر
ينتقل إلى عين المكان.
وعليه فبالرجوع إلى الفقرة الأولى من الفصل 34 من قانون التحفيظ العقاري نجدها
تنص على أنه "يعين رئيس المحكمة فور توصله بمطلب التحفيظ قاضيا مقررا
يكلف بتحضير القضية للحكم واتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لهذه الغاية ويمكن
للقاضي المقرر على الخصوص إما تلقائيا وإما بطلب من أحد الأطراف أن ينتقل
إلى عين العقار موضوع النزاع ليجري بشأنه بحثا أو يطبق عليه الرسوم"
_ معاينة الأماكن هي انتقال القاضي المكلف بالقضية أو القاضي المقرر وكامل
الهيئة إلى عين المكان للوقوف على موضوع النزاع.
- ثانيا: الإجراءات الواجب اتخادها لمعاينة الأماكن
_ صدور أمر قضائي
هذا الأمر القضائي يصدر إما بناء على طلب الأطراف أو تلقائيا من القاضي كما
هو الشأن بالنسبة لإجراء الخبرة.
الأمر القضائي بإجراء المعاينة يجب أن يتضمن اليوم والساعة التي ستتم فيها
المعاينة وهذه المعاينة يجب أن تتحقق بحضور أطراف النزاع والذين يجب أن يتم
استدعائهم بشكل قانوني كما يتعين الإشارة إلى أنه إذا كانوا الأطراف حاضرين
وقت النطق بحكم معاينة الأماكن في هذه الحالة يمكن للقاضي أن يقرر الانتقال حالا
إلى عين المكان دون انتظار استدعاء الأطراف لأن الأطراف كانت حاضرة وقت
النطق بالحكم القاضي بمعاينة الأماكن حسب ما نصت عليه الفقرة الأولى من
الفصل 67 من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها "إذا أمر القاضي تلقائيا أو بناء
على طلب الأطراف بالوقوف على عين المكان فإنه يحدد في حكمه اليوم والساعة
التي تتم فيها بحضور الأطراف الذين يقع استدعاؤهم بصفة قانونية فإذا كان
الأطراف حاضرين وقت النطق بالحكم أمكن للقاضي أن يقرر حالا الانتقال إلى
عين المكان."
_ يمكن أن يؤخر أو يستأنف الوقوف على عين المكان إذا لم يتمكن أحد الأطراف
من الحضور في اليوم المحدد ولكن لسبب وجيه حسب ما نصت عليه الفقرة الأخيرة
من الفصل 67 من قانون المسطرة المدنية والتي جاء فيها "يمكن أن يؤخر أو أن
يستأنف الوقوف على عين المكان إذا لم يستطع أو لم يحضر أحد الأطراف في اليوم
المحدد بسبب اعتبر وجيها." وتحديد ما إذا كان السبب وجيها أم لا يدخل ضمن
السلطة التقديرية للقاضي.
_ الإجراء المتعلق بمعاينة الأماكن يمكن تأخيره أو تعجيله والأمر مرتبط بمسألة
حضور الأطراف المعنية فإذا كانت الأطراف حاضرة يمكن للقاضي أن يعجل هذا
الإجراء وإذا غاب أحد أطراف النزاع يمكن للقاضي يؤخر هذا الإجراء ولكن لسبب
وجيه.
_ إذا كانت الخبرة تتطلب تعيين خبير وهذا الخبير هو الذي ينتقل إلى عين المكان
فإن المعاينة تتطلب انتقال القاضي بنفسه إلى عين المكان من أجل المعاينة ولا يحل
محله أي شخص أخر وإن تعلق الأمر بأحد أعوان المحكمة وهذا ما قضت به
محكمة النقض في قرار صادر عنها ورد في إحدى حيثياته [يكون الحكم المستأنف
لما اعتمد على محضر المعاينة المنجز من طرف الخبير قد خالف القانون]
_ إذا كان موضوع الانتقال إلى عين المكان يتطلب معلومات لا يتوفر عليها
القاضي أمر القاضي في نفس الحكم بتعيين خبير لمرافقته أتناء المعاينة وإبداء رأيه
وهذا ما نصت عليه مقتضيات الفصل 68 من قانون المسطرة المدنية وهذا لا يعني
أن الخبير يحل محل القاضي هو فقط يرافقه لمساعدته في الشق التقني والفني.
_ يجوز للقاضي علاوة على ذلك أن يستمع أتناء الانتقال إلى الأشخاص الذين
يعينهم أن يستمع إليهم وأن يقوم بمحضرهم أي بتواجدهم بالعمليات التي يراها مفيدة
حسب ما نص عليه الفصل 69 من قانون المسطرة المدنية وهذا ما أقره القضاء
المغربي بموجب قرار صادر عن محكمة النقض ورد فيه [لما اعتمدت المحكمة في
قضائها على محضر المعاينة التي قام بها كاتب الضبط وحده ورفضت دفوع
الخصم في هذا الشأن تكون قد خرقت المقتضيات المتعلقة بالمعاينة وعرضت
قرارها للنقض]
_ بعد إنهاء عملية المعاينة من قبل القاضي أو الهيئة بحسب الأحوال يتم إعداد
محضر يتعلق بالانتقال إلى عين المكان ويتم التوقيع عليه بحسب الأحوال إما من
طرف رئيس الهيئة التي قامت بالمعاينة وكاتب الضبط أو يتم التوقيع عليه من
طرف القاضي المقرر وكاتب الضبط أو يمكن التوقيع عليه من طرف القاضي
المكلف بالقضية وكاتب الضبط ويودع هذا المحضر رهن إشارة الأطراف بكتابة
ضبط المحكمة من أجل الاطلاع عليه حسب ما نص عليه الفصل 70 من قانون
المسطرة المدنية.
الفقرة الثالثة: الأبحاث أو شهادة الشهود
المشرع المغربي على مستوى قواعد قانون المسطرة المدنية استعمل مصطلح
الأبحاث للدلالة على شهادة الشهود.
- أولا: المقصود بالأبحاث أو شهادة الشهود
هي وسيلة من وسائل الإثبات وإجراء من إجراءات التحقيق التي تعتمد عليها
المحكمة للوصول إلى الحقيقة.
سؤال: متى يجوز الأمر بالبحت؟ أي متى يجوز الاستماع إلى الشهود؟
مقتضيات الفصل 71 من قانون المسطرة المدنية نصت على أنه "يجوز الأمر
بالبحث في شأن الوقائع التي يمكن معاينتها من طرف الشهود والتي يبدو التثبت
منها مقبولا ومفيدا في تحقيق الدعوى."
بمعنى لا يجوز الأمر بالبحت إلا إذا كانت الوقائع يمكن معاينتها من طرف الشهود
أي إذا كانت شهادة الشهود إجراء مفيد في القضية.
- ثانيا: إجراءات البحت
_ إجراءات البحت تبدأ بإصدار القاضي لحكم تمهيدي يأمر فيه بالبحت كما هو
الشأن بالنسبة للخبرة ومعاينة الأماكن وهذا الحكم يتضمن الوقائع التي ستجرى
الشهادة بشأنها كما يتضمن هذا الحكم يوم وساعة الجلسة التي سيتم فيها البحت كما
يتضمن الحكم استدعاء الأطراف للحضور وتقديم شهاداتهم في اليوم والساعة
المحددين أو إشعار كتابة الضبط خلال خمسة أيام بأسماء الذين يرغبون في
الاستماع إليهم حسب ما نص عليه الفصل 72 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء
فيه "يبين الحكم الذي يأمر بالبحث الوقائع التي سيجري بشأنها وكذلك يوم وساعة
الجلسة التي سيتم فيها.
يتضمن الحكم استدعاء الأطراف للحضور وتقديم شهودهم في اليوم والساعة
المحددين أو إشعار كتابة الضبط خلال خمسة أيام بأسماء الشهود الذين يرغبون في
الاستماع إليهم."
_ يجوز للقاضي أيضا أن يقرر الانتقال إلى عين المكان والاستماع إلى الشهود فيه
حسب ما نص عليه الفصل 73 من قانون المسطرة المدنية.
_ يجوز للأطراف استدعاء شهودهم مباشرة بواسطة رسالة مضمونة أو عن طريق
كتابة الضبط وفق الشروط المنصوص عليها في الفصول 37 و 38 و 39 من قانون
المسطرة المدنية حسب ما نص عليه الفصل 74 من نفس القانون.
_ المشرع نص على كيفية الادلاء بالشهادة بمعنى أن القاضي بعدما يصدر حكما
تمهيديا بإجراء البحت ويحدد البيانات التي سبق الإشارة إليها فلابد له أن يتقيد
بقواعد معينة هذه القواعد نص عليه الفصل 76 من قانون المسطرة المدنية الذي
جاء فيه "يستمع إلى الشهود على انفراد سواء بمحضر الأطراف أو في غيبتهم.
يصرح كل شاهد قبل سماع شهادته باسمه العائلي والشخصي وحرفته وسنه
وموطنه وما إذا كان قريبا أو صهرا للأطراف مع ذكر الدرجة أو خادما أو عاملا
عند أحدهم.
يقسم الشاهد تحت طائلة البطلان على قول الحقيقة.
لا يؤدي الأفراد الذين لم يبلغوا ست عشرة سنة كاملة اليمين ولا يستمع إليهم إلا
على سبيل الاستئناس.
يمكن إعادة سماع الشهود ومواجهة بعضهم لبعض."
كما نص الفصل 82 من قانون المسطرة المدنية على أنه "لا يجوز للطرف أن
يقاطع الشاهد أثناء إدلائه بها أو أن يوجه إليه أسئلة مباشرة.
تقرأ لكل شاهد شهادته ويوقع عليها أو يذكر فيها أنه لا يعرف أو لا يريد التوقيع."
بمعنى أن المشرع المغربي أوجب على المحكمة قبل أن تطلب من الشهود التوقيع
على شهادتهم أن تقرأ عليهم تلك الشهادات التي أدلوا وتطلب منهم التوقيع على
المحضر وفي حالة رفض أحد الشهود التوقيع أو جهله بالتوقيع يجب على المحكمة
أن تشير إلى ذلك في المحضر.
والفصل 83 من قانون المسطرة المدنية نص على وجوب تحرير محضر بشهادة
الشهود ويوقع هذا المحضر حسب الأحوال من طرف القاضي المقرر أو القاضي
المكلف بالقضية أو رئيس الجلسة ويرفق بأصل الحكم ويبين فيه يوم ومكان وساعة
الاستماع وغياب أو حضور الأطراف والأسماء العائلية والشخصية ومهن وسكنى
الشهود وأدائهم لليمين وتصريحاتهم وإذا كانت هناك رابطة تتعلق بزوجية أو القرابة
أو المصاهرة أو الخدمة أو العمل عند الأطراف وجب الإشارة إليها.
- ثالثا: تجريح الشاهد
نظمتها مقتضيات الفصول 75 و 79 و 80 من قانون المسطرة المدنية.
_ لا تقبل الشهادة للقرابة القريبة حسب ما نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 75
من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها "لا تقبل شهادة من كانت بينهم وبين
الأطراف أو أزواجهم رابطة مباشرة من قرابة أو مصاهرة من الأصول، أو الفروع
أو الحواشي إلى الدرجة الثالثة بإدخال الغاية عدا إذا قرر القانون خلاف ذلك." نفهم
من هذه الفقرة أنه لا تقبل الشهادة للقرابة القريبة لأحد الأطراف.
_ لا تقبل الشهادة لعدم الأهلية لأداء الشهادة حسب ما نصت عليه الفقرة الثانية من
الفصل 75 من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها "لا تقبل أيضا شهادة
الأشخاص الذين نص القانون أو أمر قضائي بأنهم عديمو الأهلية لتأدية الشهادة في
كل الإجراءات وأمام القضاء."
-لا تقبل الشهادة لأي سبب خطير حسب ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من الفصل
79 من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها "يمكن تجريح الشهود لعدم أهليتهم
لأداء الشهادة أو للقرابة القريبة أو لأي سبب خطير آخر." ومسألة تحديد السبب
الخطير تدخل في السلطة التقديرية للقاضي.
المشرع أوجب على المحكمة بمقتضى الفصل 79 من قانون المسطرة المدنية أن
تبت في التجريح حالا أي وقت تقديمه وتبت فيه بحكم تمهيدي وهذا الحكم غير قابل
للطعن بالاستئناف أو الطعن بالنقض إلا في وقت واحد مع الحكم المتعلق بالجوهر
بمعنى من أراد أن يطعن في هذا الحكم التمهيدي الصادر في أمر تجريح الشاهد
فإنه لا يمكنه أن يطعن فيه بمفرده ولكن يمكن الطعن فيه عندما يتم الطعن في الحكم
المتعلق بالجوهر وبالتالي عليه انتظار صدور حكم يفصل في الجوهر وحين ذلك
يمكن الطعن في هذا الحكم التمهيدي وذلك شريطة أن يقبل الحكم المتعلق بالجوهر
نفس طرق الطعن أي الطعن بالنقض أو الاستئناف.
وبالتالي فإنه مدام أن الحكم المتعلق بالجوهر لا يقبل الطعن بالنقض أو بالاستئناف
فإن الحكم التمهيدي المتعلق بالتجريح لا يقبل الطعن كذلك بالنقض أو بالاستئناف
وإذا كان الحكم المتعلق بالجوهر يقبل الطعن بالنقض أو بالاستئناف فإن الحكم
التمهيدي كذلك سيقبل الطعن بالنقض أو الاستئناف.
نشير إلى أنه مبدئيا المشرع أوجب تقديم التجريح قبل أداء الشهادة إلا إذا كانت
أسباب التجريح لم تظهر إلا بعد أداء الشهادة وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من
الفصل 80 من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها "يجب تقديم التجريح قبل أداء
الشهادة عدا إذا لم يظهر سببه إلا بعد ذلك."
وفي حالة قبول التجريح يترتب على ذلك إلغاء الشهادة حسب ما نصت عليه الفقرة
الأخيرة من الفصل 80 من قانون المسطرة المدنية التي ورد فيها "إذا قبل التجريح
في هذه الحالة الأخيرة ألغيت الشهادة."
الفقرة الرابعة: اليمين
- أولا: المقصود باليمين
اليمين هو القسم أو الحلف وهو إشهاد الله تعالى على صدق ما يخبر به الحالف كما
يقصد باليمين ذلك الحلف الذي يصدر من أحد الخصمين على صحة ما يدعيه أو
عدم صحة ما يدعيه الخصم الأخر بمعنى أن اليمين يقصد به الحلف الذي يصدر
من الخصمين فهذا الخصم يحلف على أن ما يقول هو صادق وصحيح أو يمكن أن
يحلف على أن ما يدعيه خصمه غير صحيح وغير صادق.
المشرع المغربي نظم اليمين بمقتضى الفصول من 85 إلى 88 من قانون المسطرة
المدنية والمشرع من خلال هذه الفصول نجده قد نص على نوعان من اليمين هما
اليمين الحاسمة واليمين المتممة.
1 _ اليمين الحاسمة:
نص عليها الفصل 85 من قانون المسطرة المدنية الذي ورد فيه "إذا وجه أحد
الأطراف اليمين إلى خصمه لإثبات ادعاء أوردها هذا الأخير لحسم النزاع نهائيا
فإن الخصم يؤدي اليمين في الجلسة بحضور الطرف الآخر أو بعد استدعائه بصفة
قانونية.
يؤدي الطرف اليمين بالعبارة الآتية: "أقسم بالله العظيم" وتسجل المحكمة تأديته
لليمين."
فمن خلال قراءة مقتضيات هذا الفصل يتضح بأن الأمر يتعلق باليمين الحاسمة
وهذه الأخيرة يوجهها أحد الخصمين للأخر حسما وإنهاء للنزاع لأنه بأداء هذه
اليمين أو عدم الرغبة في أدائها يصبح النزاع منتهيا.
فإذا أدى الخصم المعني بالأمر هذه اليمين الحاسمة سيكون الحكم لفائدته أما إذا
امتنع عن أدائها فإن الحكم لن يكون لفائدته وفي كلا الحالتين سينتهي النزاع.
يترتب عن اليمين الحاسمة تقيد المحكمة بها وتحكم بما يطابق نتيجتها سواء أداها
الطرف الذي وجهت إليه أو ردها إليه بمعنى يترتب عن اليمين الحاسمة الفصل في
الدعوى فبمجرد النكول عنها (الامتناع عن أدائها) ممن وجهت إليه يصبح النزاع
منتهيا لفائدة الطرف الذي وجهها أما في حالة أدائها من قبل الطرف الذي وجهت
إليه فإن النزاع ينتهي لفائدة الحالف لأن اليمين تجعل ما كان يدعيه صدقا.
كخلاصة فاليمين الحاسمة تحسم وتنهي النزاع كون أن المحكمة تتقيد بها وتحكم بما
يطابق نتيجة اليمين الحاسمة فالفصل في الدعوى إذن يتوقف على اليمين الحاسمة.
2 _ اليمين المتممة:
نظمها المشرع في الفصل 87 من قانون المسطرة المدنية الذي ورد فيه "إذا
اعتبرت المحكمة أن أحد الأطراف لم يعزز ادعاءاته بالحجة الكافية أمكن لها تلقائيا
أن توجه اليمين إلى هذا الطرف بحكم يبين الوقائع التي ستتلقى اليمين بشأنها.
تؤدى هذه اليمين وفق الشكليات والشروط المنصوص عليها في الفصل السابق"
وتسمى اليمين المتممة كذلك باليمين المكملة هذه اليمين تقع بطلب من المحكمة
نفسها بمعنى أن اليمين المكملة هي تلك التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه إلى أي
من الخصمين وبالتالي فالأمر لا يتوقف على تقديم طلب من أحد أطراف النزاع.
وبالتالي نلاحظ وجود فرق بين اليمين الحاسمة واليمين المتممة فاليمين الحاسمة
يطلبها أحد الخصوم وليس القاضي من تلقاء نفسه أما اليمين المتممة لا يتوقف الأمر
على أن يطلبها أحد الخصوم فهي يقع طلبها من المحكمة نفسها بمعنى أن القاضي
يطلبها من تلقاء نفسه.
والقضاء يلجأ إلى اليمين المكملة أو المتممة إذا اعتبر أن أحد الأطراف لم يعزز
ادعاءه بالحجة الكافية بمعنى في حالة عدم اقتناع القاضي بالحجج المقدمة من أحد
الأطراف.
واليمين المكملة تؤدى بنفس إجراءات اليمين الحاسمة حسب الفقرة الأخيرة من
الفصل 87 من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها "تؤدى هذه اليمين وفق
الشكليات والشروط المنصوص عليها في الفصل السابق"
وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 86 من قانون المسطرة المدنية نجده حدد إجراءات
اليمين سواء المكملة أو المتممة وقد ورد في هذا الفصل ما يلي "إذا عاق الطرف مانع مشروع
وثابت بصفة قانونية أمكن تأدية اليمين أمام المحكمة أو هيئة منتدبة للتوجه عنده مساعدا
بكاتب الضبط الذي يحرر في هذه الحالة محضرا بالقيام بهذه العملية.
إذا كان الطرف الذي وجهت إليه اليمين أو ردت يسكن في مكان بعيد جدا أمكن
للمحكمة أن تأمر بأن يؤدي اليمين أمام المحكمة الابتدائية لمحل موطنه على أن تسجل له
تأديته لهذه اليمين.."
كما نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 85 من قانون المسطرة المدنية على أنه "يؤدي
الطرف اليمين بالعبارة الآتية: "أقسم بالله العظيم" وتسجل المحكمة تأديته لليمين."
واليمين المتممة تختلف عن اليمين الحاسمة في كون أن اليمين المتممة لا تتقيد
المحكمة بنتيجتها أما بخصوص اليمين الحاسمة فالمحكمة تتقيد بنتيجتها.
واليمين المتممة يجب أن تتم قبل الفصل في الدعوى ويجب أن يصدر بشأنها حكم
تمهيدي مستقل باعتبارها إجراء من إجراءات التحقيق والمقصود بأن هذا الحكم
مستقل بمعنى أنه مستقل عن الحكم الذي سيفصل في النزاع وهذا ما يفهم من
مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 87 من قانون المسطرة المدنية التي ورد فيها
"إذا اعتبرت المحكمة أن أحد الأطراف لم يعزز ادعاءاته بالحجة الكافية أمكن لها
تلقائيا أن توجه اليمين إلى هذا الطرف بحكم يبين الوقائع التي ستتلقى اليمين
بشأنها."
وهذا ما قضى به القضاء المغربي في قرار صادر عن محكمة النقض ورد فيه
[الحكم باليمين هو حكم تمهيدي باعتباره وسيلة من وسائل الإثبات يدخل في
إجراءات التحقيق التي تمكن القاضي أن يأمر بها بناء على طلب الأطراف أو تلقائيا
قبل البت في جوهر النزاع]
مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية نصت صراحة على ضرورة إصدار حكم
تمهيدي بأداء اليمين سواء تعلق الأمر باليمين الحاسمة أو باليمين لمتممة.
فبالرجوع إلى الفقرة الأولى من المادة 139 من المسودة ورد فيها "إذا وجه أحد
الأطراف اليمين الحاسمة إلى خصمه لإثبات ادعاء أوردها هذا الأخير لحسم النزاع
نهائيا أصدرت المحكمة أمرا تمهيديا بأداء اليمين في الجلسة بحضور الطرف الأخر
أو بعد استدعائه بصفة قانونية" وبالرجوع إلى الفصل 85 من قانون المسطرة
المدنية الذي ينص على اليمين الحاسمة لا نجد المشرع يستخدم الأمر أو الحكم
التمهيدي وبالتالي فمسودة مشروع قانون المسطرة المدنية كانت أوضح من قانون
المسطرة المدنية المعمول به حاليا.
بالرجوع إلى الفقرة الأولى من المادة 141 من المسودة نجدها قد ورد فيها "إذا
اعتبرت المحكمة أن أحد الأطراف لم يعزز ادعاءاته بالحجج الكافية أمكن لها تلقائيا
أن توجه اليمين المتممة إلى هذا الطرف بأمر تمهيدي يبين الوقائع التي ستتلقى
اليمين بشأنها" وبالتالي فإنه حتى بالنسبة لليمين المتممة نجد المشرع قد نص
صراحة على ضرورة اتخاذ هذا الإجراء المتعلق بأداء اليمين المتممة بإصدار حكم
تمهيدي.
وبالتالي فإن مسودة المشروع كانت واضحة بشأن ضرورة إصدار الأمر التمهيدي
أما بالنسبة لقانون المسطرة المدنية فبقراءة الفصل 87 من قانون المسطرة المدنية
المتعلق باليمين المتممة نجد أن المشرع استخدم فقط كلمة حكم ولكن فقهاء القانون
وضحوا لنا بأن الأمر يتعلق بحكم تمهيدي.
الفقرة الخامسة: تحقيق الخطوط والزور الفرعي
تحقيق الخطوط والزور الفرعي نظمه المشرع المغربي ضمن الفرع السادس من
الباب الثالث المعنون بإجراءات التحقيق في قانون المسطرة المدنية بموجب الفصول
من 89 إلى 102 من قانون المسطرة المدنية.
نوضح بأن تحقيق الخطوط نظام والزور الفرعي نظام قانوني أخر فهما نظامان
قانونيان يتفقان في مجموعة من النقاط لهذا المشرع جمع بينهما في الفرع السادس
لكون أن هناك نقاط تتشابه بينهما لكن رغم ذلك يختلفان في نقاط أخرى.
ومن أهم نقاط التوافق بين تحقيق الخطوط والزور الفرعي هو الهدف وهدا الهدف
يتمثل في إثبات صحة أو عدم صحة المحرر المطعون فيه وهذ يتضح لنا من خلال
مقتضيات الفصلين 89 و 92 من قانون المسطرة المدنية فبالرجوع للفصل 89 من
قانون المسطرة المدنية المتعلق بتحقيق الخطوط نجده ينص على أنه "إذا أنكر خصم
ما نسب إليه من كتابة أو توقيع أو صرح بأنه لا يعترف بما ينسب إلى الغير أمكن
للقاضي صرف النظر عن ذلك إن رأى أنه غير ذي فائدة في الفصل في النزاع.
إذا كان الأمر بخلاف ذلك فإنه يؤشر بتوقيعه على المستند ويأمر بتحقيق الخطوط
بالسندات أو بشهادة الشهود أو بواسطة خبير عند الاقتضاء.
تطبق القواعد المقررة بالنسبة إلى الأبحاث والخبرة في تحقيق الخطوط."
نفهم من هذا الفصل بأن الأمر يتعلق بتحقيق الخطوط ويتعلق بصحة أو عدم صحة
المحرر وبالرجوع للفصل 92 من قانون المسطرة المدنية المتعلق بالزور الفرعي
الذي ورد فيه "إذا طعن أحد الأطراف أثناء سريان الدعوى في أحد المستندات
المقدمة بالزور الفرعي صرف القاضي النظر عن ذلك إذا رأى أن الفصل في
الدعوى لا يتوقف على هذا المستند.
إذا كان الأمر بخلاف ذلك أنذر القاضي الطرف الذي قدمها ليصرح بما إذا كان
يريد استعمالها أم لا.
إذا صرح الطرف بعد إنذاره أنه يتخلى عن استعمال المستند المطعون فيه بالزور
الفرعي أولم يصرح بشيء بعد ثمانية أيام نحي المستند من الدعوى" ونفهم من هذا
الفصل بأن الأمر يتعلق بالزور الفرعي والأمر يتعلق بإثبات صحة أو عدم صحة
المحرر المطعون فيه.
وهكذا يتضح أنه في تحقيق الخطوط الأمر يتعلق بخصم ينكر ما نسب إليه من كتابة
أو توقيع أو أنه لا يعترف بما هو نسب للغير من كتابة أو توقيع وهذا يعني أن الأمر
يتعلق بادعاء عدم صحة المحرر.
بالنسبة للزور الفرعي المشرع نص عليه في الفصل 92 من قانون المسطرة المدنية
الذي أشرنا إليه سابقا ويفهم من هذا الفصل الذي ينظم ما يسمى بالزور الفرعي أن
الأمر يتعلق بطعن أحد أطراف النزاع بالزور الفرعي في أحد المستندات المقدمة
وهذا يعني أن الأمر يتعلق بادعاء عدم صحة محرر أي ادعاء زوريته.
وعليه فإنه يظهر سواء تعلق الأمر بتحقيق الزور الفرعي أو تحقيق الخطوط أن
الأمر يتعلق بصحة أو عدم صحة المحرر الذي هو مطعون فيه وبالتالي فإنهما معا
في الهدف.
والاختلاف بين تحقيق الخطوط وبين الزور الفرعي يتضح لنا من حيت كيفية
ممارسة كل منهما بمعنى هناك اختلاف من حيث المسطرة وهناك اختلاف من حيث
طبيعة السند الذي يتبع في شأنه تحقيق الخطوط أو يتبع في شأنه الزور الفرعي
وهناك اختلافا كذلك من حيث الغرامة المقررة في إطار تحقيق الخطوط أو في
إطار الزور الفرعي وهناك اختلاف كدلك من حيث إلزامية تبليغ النيابة العامة.
الباب الثاني: الطلبات والدفوع
الدعوى أمام القضاء يتم استخدامها بطريقين الطريق الأول هو الطلبات والطريق
الثاني هو الدفوع.
فالدعوى تستخدم بطريقين فإذا استخدمت بواسطة الطريق الأول سميت الدعوى
بالطلب وأما إذا استخدمت بواسطة الطريق الثاني سميت الدعوى بالدفع.
إذا استعملت الدعوى بواسطة الطريق الأول سميت الدعوى بالطلب أي أنه حينما
يدعي شخص ادعاء أمام القضاء ويطالب الحكم لفائدته يكون في هذه الحالة استعمل
دعواه بواسطة الطريق الأول الذي هو الطلب.
وإذا استعملت الدعوى بواسطة الطريق الثاني يسمى بالدفوع أي أنه حينما يرد
المدعي عليه الادعاء الذي وجه إليه لمنع المحكمة من إصدار حكم لفائدة المدعي
بمعنى يطلب المدعي عليه الحكم لفائدته هو يكون في هذه الحالة استعمل دعواه
بواسطة الطريق الثاني المسمى بالدفع.
فالذي يلجأ أولا إلى المحكمة هو من يستخدم طريق الطلب ويسمى بالمدعي والذي
يلجأ بعد ذلك إلى المحكمة ويرفع دعواه بطريق أخر وهذا الطريق يرد من خلاله
على المدعي فهنا يسمى بالدفع.
فإذا نضرنا إلى الدعوى من موقع مقدمها سيتضح لنا هل نحن بصدد طريق الطلب
أو بصدد طريق الدفع فإذا نضرنا إليها من موقع المدعي نكون أمام الطلب وإذا
نضرنا إليها من موقع المدعى عليه نكون أمام الدفع.
سواء تعلق الأمر بالمدعي أو المدعى عليه فإنهما يحق لهما استخدام الدعوى لكن
هذه الدعوى إذا استخدمها المدعي تسمى طلبا وإذا استخدمها المدعي عليه تسمى
دفعا ولكن مع وجود استثناء بالنسبة للطلبات.
فالطلبات هي التي يتم استخدامها من قبل المدعي ولكن يمكن للمدعي عليه كذلك أن
يستخدم الطلب حينما يتعلق الأمر بنوع واحد من أنواع الطلبات وهي الطلبات
المضادة وتسمى كذلك بالطلبات الجوابية أو المقابلة فهذا النوع الوحيد من الطلبات
الذي يتم التقدم به من قبل المدعي عليه أما باقي الطلبات فيتم التقدم بها من قبل
المدعي.
_ المدعي= الطلب.
_ المدعي عليه= الدفع والطلبات المضادة.
الفصل الأول: الطلبات
هناك نوعين من الطلبات فهناك الطلبات الأصلية والطلبات العارضة.
المبحث الأول: الطلب الأصلي
المطلب الأول: المقصود بالطلب الأصلي
الطلب الأصلي هو المقال الافتتاحي الذي تفتح بموجبه الدعوى التي يرفعها إلى
القضاء صاحب الحق المنازع فيه ليحكم له القاضي بما يدعيه.
إذا كان المبدأ والأصل أن الدعوى ترفع بواسطة الطلبات الأصلية غير أن الطلبات
الأصلية قد لا تجوز في حالات معينة حيث يمنع فيها المشرع أن يتم استخدام
الطلب الأصلي وألزم باستخدام نوع أخر للطلب وهو الطلب
العارض كما هو الشأن بالنسبة لدعوى الزور الفرعي.
الطلب الأصلي إذن هو الطريق الأول لرفع الدعوى وهو النوع الأول لهذا الطريق
لأن هناك كذلك الطلبات العارضة إلى جانب الطلبات الأصلية.
المطلب الثاني: شروط تقديم الطلب الأصلي
شروط تقديم الطلب الأصلي نصت عليها مقتضيات الفصول 31 و 32 من قانون
المسطرة المدنية وقد سبق التطرق إليها عند دراسة عناصر الدعوى وبالتحديد في
إطار المقالات الافتتاحية.
وقد وردت هذه المقتضيات القانونية بالتحديد في الباب الأول المعنون بتقييد الدعوى
وقد ورد هذا في إطار القسم الثالث المعنون بالمسطرة أمام المحاكم الابتدائية.
المطلب الثالث: أثار الطلب الأصلي
الطلبات الأصلية لها أثار وهذه الأثار هي أثار قانونية منها ما يتعلق بالمحكمة
المعروض عليها النزاع ومنها ما يتعلق بأطراف النزاع والبعض الأخر يتعلق
بالحق موضوع النزاع.
الفقرة الأولى: أثار الطلب الأصلي التي تتعلق بالمحكمة التي عرض عليها النزاع
بمجرد تقديم الطلب الأصلي(المقال الافتتاحي) تصبح المحكمة ملزمة بعدم إغفال
البت في أي عنصر من عناصر الطلب بمعنى تصبح المحكمة مقيدة بأن تبت في أي
عنصر من عناصر الطلب.
- مثال: تقدم المدعي بطلب فسخ عقد كان قائم بينه وبين المدعى عليه مع التعويض
فالمحكمة هنا ملزمة بأن تبت في هذه المطالب التي هي فسخ العقد والتعويض أي
ملزمة بأن تبت في كل المطالب التي تتقدم إليها أما مسألة الاستجابة لهذه المطالب
من عدمه فالأمر يدخل ضمن السلطة التقديرية للمحكمة وبحسب الحجج التي يتقدم
بها المدعي.
+ ملاحظة هامة:
الإحالة بخصوص هذا الأثر لما تم التطرق إليه في إطار نتائج تحديد عناصر
الدعوى وخاصة قواعد الإجراءات الواجب احترامها من قبل القاضي.
كذلك من أثار تقديم الطلب الأصلي بالنسبة للمحكمة المعروض عليها النزاع أن
المحكمة التي قدم إليها الطلب تصبح هي المحكمة الوحيدة المختصة بالنضر في ذلك
النزاع وبذلك ستنزع الاختصاص من محاكم أخرى حتى ولو كانت إحدى المحاكم
الأخرى ذات الاختصاص للنضر في الدعوى.
مثال: نفترض أنه رفعت دعوى أمام المحكمة المختصة تم رفعت نفس الدعوى أمام
محكمة أخرى هي كذلك مختصة في هذه الحالة يحق لمن يعنيه الأمر الدفع بإحالة
الدعوى الجديدة (أي التي رفعت ثانية أمام المحكمة الأخرى) إلى المحكمة التي
رفعت إليها الدعوى أولا لكون أنه لا يمكن البت مرتين في نفس الدعوى.
والذي نص على ذلك مقتضيات الفصل 109 من قانون المسطرة المدنية الذي ورد
فيه "إذا سبق أن قدمت دعوى لمحكمة أخرى في نفس الموضوع أو إذا كان النزاع
مرتبطا بدعوى جارية أمام محكمة أخرى أمكن تأخير القضية بطلب من الخصوم أو
من أحدهم"
ورد في هذا الفصل إمكانية تأخير القضية بطلب من الخصوم أو أحدهم فلا نجد
عبارة أنه يتم إحالة الدعوى إلى المحكمة التي رفعت أمامها الدعوى أولا ولكن هذا
الفصل ورد في إطار الفرع الثاني من الباب الرابع الذي عنون بالطلبات العارضة
والتدخل ومواصلة الدعوى والتنازل والفرع الثاني عنون بإحالة الدعوى أمام
محكمتين مختلفتين وارتباط الدعويين وهذا الفرع الثاني لا يتضمن إلا فصلين هما
الفصل 109 والفصل 110 ويفهم من هذا أن الفصل 109 يتعلق بالشق الأول من
العنوان الذي هو إحالة الدعوى أمام محكمتين مختلفتين وبالتالي فإن الفصل 109
ينص على هذا الإجراء الذي يتعلق بإحالة الدعوى الجديدة إلى المحكمة التي رفعت
إليها الدعوى أولا.
وكخلاصة فإنه إذا رفعت الدعوى أي الطلب الأصلي أمام محكمة مختصة تم رفعت
نفس الدعوى أمام محكمة أخرى مختصة هنا المعني بالأمر يحق له أن يدفع بإحالة
الدعوى إلى المحكمة التي رفعت إليها الدعوى أولا.
الفقرة الثانية: أثار الطلب الأصلي التي تتعلق بأطراف النزاع
الأمر يتعلق بمجموعة من الأثار ولكن سنتطرق إلى أثرين هامين:
- أولا: أثر يتعلق بقطم التقادم لصالح المدعي
حينما يتم التقدم بالطلب الأصلي أمام المحكمة المختصة سينقطع التقادم لفائدة
المدعي حتى ولو قدم الطلب أمام محكمة غير مختصة.
- مثال: نفترض أنه تم التقدم من قبل المدعي بالطلب الأصلي أمام المحكمة المختصة
أو تم التقدم به أمام محكمة غير مختصة أو كان الطلب يعتريه عيب في الشكل
فرغم ذلك فبمجرد تقديمه ينقطع التقادم لفائدة المدعي وهذه المقتضيات نص عليه
الفصل 381 من قانون الالتزامات والعقود الذي ورد فيه "ينقطع التقادم :
3 - بكل إجراء تحفظي أو تنفيذي يباشر على أموال المدين أو بكل طلب يقدم
للحصول على الإذن في مباشرة هذه الإجراءات."
- ثانيا: أثر يتعلق بإنذار المدعي عليه واعتباره في حالة مطل من حيث تنفيذ التزامه
نجد أن الفصل 255 من قانون الالتزامات والعقود نص على أنه "يصبح المدين في
حالة مطل بمجرد حلول الأجل المقرر في السند المنشأ للالتزام.
فإن لم يعين للالتزام أجل لم يعتبر المدين في حالة مطل إلا بعد أن يوجه إليه أو إلى
نائبه القانوني إنذار صريح بوفاء الدين..."
بمعنى أنه عندما يتم التقدم بالطلب الأصلي ومن خلاله يتم توجيه إنذار لهذا المدين
في هذه الحالة سيصبح هذا المدين في حالة مطل.
فمن أثار الطلب الأصلي بالنسبة لأطراف النزاع وبالتحديد بالنسبة للمدعى عليه أنه
سيعتبر في حالة مطل من حيت تنفيذ التزامه بمجرد التقدم بالطلب الأصلي ضده
وفي إطار هذا الطلب الأصلي سيتم توجيه إنذار إلى هذا المدين الدي هو المدعي
عليه.
فبالنسبة للالتزامات التي لم يحدد فيها أجل لابد لكي يعتبر المدين في حالة مطل أن
يوجه إليه إنذار.
- مثال: المدين والدائن أبرموا التزاما ولكنهم لم يحددوا فيه أجل الدفع في هذه الحالة
إذا لم يتوصل الدائن بالمبلغ الذي هو في ذمة المدين يجب عليه لكي يجعل المدين
في حالة مطا ويلزمه بالأداء أن يلجأ إلى القضاء ليتقدم بطلب أصلي وفي هذه الحالة
يوجه إنذار للمدين وعليه يترتب عن الطلب الأصلي أن المدعي عليه سيصبح في
حالة مطل من حيت تنفيذ التزامه.
+ ملاحظة هامة:
هذه الأثار التي تترتب عن الطلب الأصلي بالنسبة لأطراف النزاع هي أثار لفائدة
المدعي وضد المدعى عليه.
الفقرة الثالثة: أثار الطلب الأصلي التي تتعلق بموضوع الدعوى
لا يقتصر الطلب الأصلي على إنتاج أثار اتجاه المحكمة وفي حق الأطراف وإنما
ينتج كذلك أثار اتجاه موضوع الطلب وهناك مجموعة من الأثار ولكن سنقتصر
على أثر واحد.
الأمر يتعلق بكون أن الحق موضوع الطلب الأصلي يصبح قابلا للانتقال إلى الورثة
في حالة وفاة المدعي (صاحب الطلب الأصلي) الذي هو الهالك فالطلب الذي تقدم
به هذا الأخير سيرتب أثار حتى وإن كان قد توفي وهذه الأثار سيستفيد منها الورثة.
بمعنى أنه إذا حكمت المحكمة بحق لفائدة الشخص الذي تقدم بالطلب الأصلي وكان
قد توفي قبل أن تحكم له الحكمة فنجد كون أن هذا الحق يستقيد منه ورثثه فهذا الحق
ينتقل إلى الورثة حتى وإن كان هذا الحق شخصي بمعنى حتى وإن كان هذا الحق
يتعلق بشخص صاحب الحق (الهالك) ويكون غير قابل للانتقال.
مثال: الحق في التعويض عن الضرر المعنوي كحق شخصي يكون قابل للانتقال
إلى الورثة.
المبحث الثاني: الطلب العارض
المطلب الأول: المقصود بالطلبات العارضة
الطلبات العارضة هي الطلبات التي تقدم أثناء النضر في الدعوى المعروضة على
المحكمة بموجب الطلب الأصلي تضاف بمقتضاها ادعاءات جديدة للطلب
الافتتاحي.
بمعنى أن الطلبات التي تقدم أتناء النظر في الدعوى المعروضة هي الطلبات
العارضة والطلب العارض هو الذي يمكن صاحبه من أن يتقدم بطلبات جديدة وهذه
الطلبات الجديدة تضاف إلى الطلب الافتتاحي الذي هو الطلب الأصلي.
والطلبات العارضة هي ثلاثة أنواع:
1 - الطلبات الإضافية وهي التي تقدم من قبل المدعي ضد المدعي عليه.
2 - الطلبات الجوابية (المقابلة أو المضادة) والذي تقدم من قبل المدعي عليه ضد
المدعي.
3 - الطلبات التي تقدم من قبل شخص ثالث ضد أحد أطراف النزاع أو تقدم ضدهما
معا وتسمى هذه الطلبات بطلبات التدخل والإدخال.
المطلب الثاني: القواعد المشتركة لتقديم الطلبات العارضة
هناك مقتضيات عامة تتعلق بكيفية تقديم الطلبات العارضة سواء تعلق الأمر
بالطلبات الإضافية أو الطلبات الجوابية أو طلبات التدخل والإدخال.
فهناك قواعد عامة مشتركة تتعلق بتقديم هذه الأنواع الثلاثة من الطلبات والأمر
يتعلق بثلاثة قواعد:
الفقرة الأولى: تقديم الطلب العارض وفقا لنفس إجراءات تقديم الطلب الأصلي
بمعنى أن المشرع المغربي نص على أن يتم التقدم بالطلبات العارضة وفق نفس
الإجراءات التي تقدم بها الطلبات الأصلية فمثلا إذا قدم الطلب الأصلي بمقال
افتتاحي فإنه كذلك يجب تقديم الطلب العارض بمقال افتتاحي مع ضرورة احترام
نفس البيانات القانونية المضمنة في المقال الافتتاحي وإذا تم تقديم الطلب الأصلي
بطريقة التصريح الشفوي كذلك يجب تقديم الطلب العارض بطريقة التصريح
شفوي.
بمعنى أن المشرع نص على إمكانية أن يقدم الطلب العارض وفقا لنفس إجراءات
تقديم الطلب الأصلي سواء من حيت طريقة تقديمه للمحكمة بمقال افتتاحي أو
تصريح شفوي أو من حيت البيانات القانونية التي يجب أن يتضمنها المقال.
الفقرة الثانية: لا يجوز للطلبات العارضة أن تؤخر الفصل في الطلبات الأصلية إذا
كانت الطلبات الأصلية جاهزة للحكم فيها
المشرع المغربي حينما سمح بتقديم الطلبات العارضة بعد الطلب الأصلي وأخضعها
لنفس شكليات تقديمها من أجل ربح الوقت فبالمقابل لا يمكن أن يسمح للطلب
العارض أن يعرقل ويؤخر الفصل في الطلب الأصلي.
مثال: لنفترض أن المعني بالأمر صاحب الطلب العارض تقدم بهذا الطلب بعدما تم
التقدم بطلب أصلي ولكن كان الطلب الأصلي لازال في مرحلة التحقيق أي أن
الطلب العارض قدم أتناء سريان الدعوى وقبل أن يصبح الطلب الأصلي جاهزا
للحكم فيه فهنا قدم في الوقت المقرر قانونا لأنه من المفروض أن يقدم الطلب
العارض قبل الانتهاء من التحقيق في الطلب الأصلي وأن يقدم قبل أن يصبح الطلب
الأصلي جاهزا للحكم فيه ولكن الطلب الأصلي قد قطع مراحل عديدة بحيث أنه
تقريبا أصبح جاهزا للحكم فيه المشرع في هذه الحالة خول لصاحب الطلب الأصلي
أن يطلب من المحكمة البت والفصل في الطلب الأصلي بشكل مستقل عن الطلب
العارض وذلك لأن المشرع أقر قاعدة وهي أن الطلبات العارضة لا يجوز أن تؤخر
الفصل في الطلبات الأصلية وهذه القاعدة مخولة لصاحب الطلب الأصلي كما أن
المحكمة يمكن لها من تلقاء نفسها أن تقوم بهذا الأمر.
وعليه فإن الطلبات العارضة لا يجوز أن تؤخر الفصل في الطلبات الأصلية إذا
كانت الطلبات الأصلية جاهزة للحكم.
الفقرة الثالثة: لا يمكن فصل الطلب العارض عن الطلب الأصلي إلا إذا كان الطلب
الأصلي جاهزا للحكم فيه
المشرع المغربي نص على أنه مبدئيا لا يجوز فصل الطلب العارض عن الطلب
الأصلي بمعنى أنه يجب البت في الطلب الأصلي مع الطلب العارض والبت في
الطلب العارض مع الطلب الأصلي بحيث أنه يتم البت فيهما معا في نفس الوقت
ولكن هناك حالات معينة أجاز فيها المشرع أن يتم البت في كل طلب على حدة.
وذلك في حالة إذا تم التقدم بالطلب العارض ولكن الطلب الأصلي يكون قد قطع
أشواطا مهمة من البحت والتحقيق وأن النضر في الطلب العارض سيطيل النزاع
ويعطل البت في الطلب الأصلي في هذه الحالة نجد أن المشرع أجاز إمكانية أن يتم
البت في الطلب الأصلي بشكل مستقل عن البت في الطلب العارض هذا كاستثناء
لكن مبدئيا لا يجوز أن يتم هذا الفصل.
وعليه نفهم بكون أن الأمر يتعلق بثلاثة قواعد هامة وهذه القواعد لهم ارتباط كبير
فيما بينهم خاصة القاعدتين الثانية والثالثة.
المطلب الثالث: أنواع الطلبات العارضة
الفقرة الأولى: الطلبات الإضافية
- أولا: تعريف الطلبات الإضافية
_ الطلبات الإضافية هي التي يقدمها المدعي لإضافة ادعاء جديد إلى طلبه الأصلي
يتضمن إما تصحيحا أو تعديلا لذلك الطلب الأصلي.
_ الطلبات الإضافية هي تلك الطلبات العارضة التي تقدم أتناء النضر في الدعوى
من قبل المدعي لتصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه أو لتكميل نقصه أو
إضافة أو تغيير سببه.
إذا كان المدعي عليه أن يحدد أساس وموضوع دعواه في الطلب الأصلي وأن يتقيد
بهذا الطلب وأن تتقيد المحكمة به كذلك فإن هذه هي القاعدة والأصل، غير أنه
بالنسبة للطلبات الإضافية هناك استثناء يرد على هذه القاعدة.
المشرع المغربي أورد استثناء على هذا الأصل حينما خول إمكانية تقديم الطلبات
الإضافية بهدف مواجهة ظروف قد تطرأ بعد تقديم الطلب الأصلي والمشرع
المغربي لم يحدد هذه الظروف بالتحديد بمعنى لم يحدد الحالات التي تقبل فيها
الطلبات الإضافية على خلاف ما فعلت التشريعات المقارنة كالتشريع المصري الذي
حدد الحالات التي يمكن أن يقبل فيها الطلب الإضافي.
- ثانيا: حالات الطلبات الاضافية
وإذا كان المشرع المغربي لم يحدد هذه الحالات فإن الفقه والقضاء المغربيين
استقروا على حالات معينة ومن أهمها:
1 _ حالة الطلب الإضافي الذي يهدف إلى تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل
موضوعه لظروف طرأت بعد رفع الدعوى أي بعد تقديم الطلب الأصلي:
- مثال: مدعي رفع دعوى أي تقدم بطلب أصلي يطالب المدعى عليه أي المكتري
بأجرة كراء لمدة شهور لم يدفع عنها المكتري الأجرة ولكن بعد ذلك تبين للمدعي
أن ذلك المكتري قد أرسل له أجرة كراء البعض من تلك الشهور فالمدعي هنا يتقدم
بطلب إضافي لكي يقوم بتصحيح الطلب الأصلي بحيث أنه يطالب من خلاله فقط
بتلك الشهور التي لم يدفع عنها المكتري الأجرة.
2 _ حالة الطلب الإضافي المكمل للطلب الأصلي:
- مثال: أن يتقدم المدعي بطلب يطالب من خلاله باسترجاع أرضه من يد الغاصب
تم يتضح للمدعي بعد ذلك أن هذا الغاصب بنى على أرضه بناء فيقوم هذا المدعي
بتقديم طلب إضافي مكمل للطلب الأصلي لأن الطلب الإضافي هنا يتضمن طلب
أخر مكمل للطلب الأول وهو إزالة ما بني على الأرض.
3 _ حالة الطلب الإضافي المترتب عن الطلب الأصلي:
- مثال: أن يتقدم شخص بدعوى المطالبة بالملكية لقطعة أرضية تم بعد ذلك يتقدم
بطلب إضافي مترتب عن الطلب الأصلي ويتعلق الأمر بالثمار التي هي ناتجة عن
تلك الأرض.
4 _ حالة الطلب الإضافي المتصل والمرتبط بالطلب الأصلي:
- مثال: أن يتقدم شخص بدعوى للمطالبة ببطلان التزام مضمون برهن تم يتقدم بعد
ذلك بطلب إضافي للمطالبة ببطلان الرهن والأمر هنا يتعلق بالطلب الإضافي
المتصل والمرتبط بالطلب الاصلي لأن هذا الطلب مرتبطا ارتباطا لا يقبل التجزئة
ببطلان الالتزام الواقع عليه الرهن.
5 _ حالة الطلب الإضافي الذي يتضمن إضافة سبب أخر للدعوى مع بقاء موضوع
الطلب الأصلي على حاله:
- مثال: أن يطلب شخص إبطال عقد أبرمه بعلة التدليس تم بعدما يتقدم بهذا الطلب
الأصلي يتقدم بطلب إضافي يضيف فيه سبب جديد هو أنه يطلب إبطال ذلك العقد
لأنه تعاقد أيضا بسبب الإكراه.
6 _ حالة الطلب الإضافي الذي يتضمن تغيير سبب الدعوى مع بقاء موضوع
الطلب على حاله:
- مثال: الشخص الذي يطالب بملكية عقار بناء على الميراث تم بعد ذلك يتقدم بطلب
إضافي يغير سبب الدعوى ويضل متمسكا بموضوع الدعوى الذي هو المطالبة
بملكية العقار فيصبح يطالب بملكية العقار وذلك بناء على سبب أخر وهو التقادم.
- ثالثا: شروط تقديم الطلبات الإضافية
يشترط في الطلب الإضافي:
1 _ أن يتعلق بنفس النزاع
2 _ أن يتقدم به نفس الشخص وبذات الصفة.
3 _ أن تؤدي عنه الرسوم القضائية.
4 _ أن يقدم أمام المحكمة أتناء سريان المسطرة إلى حين إقفال باب المرافعة
واعتبار القضية جاهزة للحكم فيها.
نفهم بأن الأمر يتعلق بنفس ما تم توضيحه في القواعد العامة المشتركة في تقديم
الطلبات العارضة.
+ ملاحظة هامة:
لا يجوز الخلط بين الطلب الإضافي والطلب الاحتياطي فبالنسبة للطلب الإضافي
يتقدم به المدعي بعد تقديم الطلب الأصلي وبالنسبة للطلب الاحتياطي فإنه بإمكان
المدعي أن يتقدم به في مقال واحد مع الطلب الأصلي لأن الطلب الإضافي لا يجوز
تقديمه بمقال واحد مع الطلب الأصلي.
- مثال: لو تضمن المقال الافتتاحي للدعوى الطلب بإتمام البيع كطلب أصلي أو
أساسي وفسخ العقد والتعويض عن الخسارة كطلب احتياطي بمعنى أن المقال
الافتتاحي يتضمن طلبين طلب أصلي وطلب احتياطي أي أن المعني بالأمر الذي
تقدم بالمقال الافتتاحي للدعوى الذي يتضمن الطلبين فإنه يطلب من القضاء إما إتمام
البيع وإما فسخ العقد والتعويض عن الخسارة وأهمية الطلب الاحتياطي تكمن في
تمكين المدعي من الاستجابة لأحد مطالبه.
وفقا للمثال السابق فإن المحكمة يمكن أن تستجيب للطلب الأصلي وتحكم بإتمام البيع
ويمكنها ألا تستجيب لهذا الطلب وتستجيب للطلب الاحتياطي وتحكم بفسخ العقد مع
التعويض وبهذا سيتمكن المدعي من أن يصل إلى أحد مطالبه.
والمحكمة تضل ملزمة بالبت في الطلب الأصلي وكونها أنها نضرت في الطلب
الاحتياطي لا يغني عن البت في الطلب الأصلي تحت طائلة تعرض حكمها للطعن
لأنها ملزمة بأن تبت في الطلب الأصلي كما أن بت المحكمة في الطلب الأصلي
دون الطلب الاحتياطي لا يطرح إشكالا فالمحكمة إذا بتت في الطلبات الأصلية فإن
هذا يغنيها عن النضر في الطلبات الاحتياطية.
وهذا على خلاف الأمر بالنسبة للطلبات الإضافية بمعنى أن تبت المحكمة في
الطلبات الأصلية لا يغني عن النضر في الطلبات الإضافية بمعنى أن المحكمة إذا تم
التقدم أمامها بطلبات اصلية تم بعد ذلك تم تقدم المعني بالأمر كذلك بطلبات إضافية
فإن على المحكمة أن تنضر فيهما.
- سؤال: الطلب الأصلي مع الاحتياطي كيف تتعامل معهم المحكم؟
المحكمة ملزمة بالبت في الطلب الأصلي وإذا نضرت في الطلب الأصلي يمكن أن
يغنيها ذلك عن النضر في الطلب الاحتياطي ولكن إذا نضرت في الطلب الاحتياطي
فإن هذا لا يغنيها عن النضر في الطلب الأصلي.
- سؤال 2 : الطلب الأصلي مع الطلب الإضافي كيف تتعامل معهما المحكمة؟
المحكمة حينما تبت في الطلبات الاصلية فإنها عليها أن تبت كذلك في الطلبات
الإضافية لأن هذه الأخيرة لها علاقة بالطلب الأصلي فالطلبات الإضافية قد تكون
مكملة للطلب الأصلي وقد تغير الطلب الأصلي وقد تصحح الطلب الأصلي كما قد
تترتب عن الطلب الأصلي وقد تكون متصلة أو مرتبطة بالطلب الأصلي وقد
تتضمن سبب أخر للدعوى وقد تتضمن تغيير لسبب الدعوى الذي تضمنه الطلب
الأصلي لذلك الطلب الإضافي مهم أن تبت فيه المحكمة.
الفقرة الثانية: الطلبات المقابلة أو الجوابية أو المضادة
تسمى بالطلبات الجوابية لأن المدعى عليه يتقدم بها جوابا على دعوى المدعي
يطلب بمقتضاها الحكم له بشيء يدعيه بحق المدعي.
وتسمى الطلبات المقابلة بالطلبات المضادة لأنها الطلبات التي يقدمها المدعي عليه
دفعا لمزاعم المدعي وردا على ادعاءاته.
+ ملاحظة هامة:
لا يجب الخلط بين الدفوعات والطلبات المضادة رغم أن الدفوع يتم التقدم بها من
قبل المدعى عليه والطلبات المضادة هي أيضا يتم التقدم بها من قبل المدعي عليه
فنقطة التوافق بينهما أن كلاهما يتم التقدم بهما من قبل المدعي عليه.
أما الفرق بينهما فإنه يتمثل في كون أن الطلبات المضادة تهدف إلى المطالبة بشيء
في ذمة المدعي فهي تتخذ طابعا هجوميا صرفا ولكن الدفع خلاف ذلك إذ أن
صاحبه يتمسك بالدفاع عن نفسه فقط فصاحب الطلب المضاد في حالة هجوم
صرف أما صاحب الدفع فهو في حالة دفاع.
كما أن الطلب المقابل يستلزم نفس شروط الطلب الأصلي خاصة بالنسبة للرسوم
القضائية فالطلبات سواء تعلق الأمر بالطلبات الأصلية أو الطلبات العارضة فإنها
تخضع لنفس الشكليات وهذا على خلاف الدفع الذي لا يتطلب تلك الشروط والذي
يقتصر على دفع ادعاء المدعي فحسب.
النموذج الأكثر شيوعا للطلبات الجوابية أو الطلبات المضادة هو طلب المقاصة
القضائية والمقاصة القضائية هي سبب من أسباب انقضاء الالتزامات بمقتضاها
ينقضي التزام المدين لأن هناك التزام مترتب لفائدته في ذمة الدائن( الفصلين 361
و 362 والتي تليها من قانون الالتزامات والعقود).
والذي يتقدم بطلب المقاصة القضائية المدين ضد الدائن وبذلك ينقضي الالتزام الذي
هو في ذمة المدين اتجاه الدائن.
الفقرة الثالثة: طلبات التدخل والإدخال
طلبات التدخل والإدخال تندرج ضمن أنواع الطلبات العارضة وهناك فرق بين
طلب التدخل وطلب الإدخال.
_ تعريف طلب التدخل:
يقصد به الطلب الذي يتقدم به شخص ثالث لم يكن لا مدعي ولا مدعى عليه ويتقدم
به بموجب مقال للمحكمة ليصبح طرفا في الدعوى لما له من مصلحة في النزاع
المعروض أمام القضاء.
والمشرع أطلق على هذا النوع من التدخل مصطلح التدخل الإرادي لأنه يتم بإرادة
الشخص وهناك من الفقهاء من يسمونه بالتدخل الاختياري.
_ تعريف طلب الإدخال:
يقصد به الطلب الذي يتقدم به أحد طرفي الدعوى الأصلية بموجب مقال لإجبار
شخص ثالث ليس طرفا في الدعوى على الانضمام والدخول فيها فأحد الأطراف
الأصلية للدعوى يجبر شخص ثالث للدخول في الدعوى رغما عنه والإدخال يمكن
أن يتم بناء على أمر من المحكمة توجهه إلى شخص الثالث من تلقاء نفسها هنا نفهم
بأن الإدخال لا يقوم دائما على طلب من أحد أطراف الدعوى إذ يمكن للمحكمة
كذلك أن تأمر به من تلقاء نفسها.
- أولا: طلب التدخل
سماه المشرع بالتدخل الإرادي لأنه يتم بإرادة الشخص الثالث وقد نص عليه
المشرع بموجب الفصل 111 من قانون المسطرة المدنية والذي ورد فيه "يقبل
التدخل الإرادي ممن لهم مصلحة في النزاع المطروح."
وهكذا يكون المشرع المغربي قد خول لكل ذي مصلحة في نزاع معروض أمام
القضاء أن يتدخل في هذا النزاع للدفاع عن حقوقه ومصالحه التي يمكن أن تتأثر
من جراء صدور حكم لم يكن طرفا فيه.
التدخل الإرادي نوعان وإن كان المشرع المغربي لم ينص صراحة على أنواع
التدخل الإرادي ولكن أنواع التدخل الإرادي نفهمها من خلال القرارات والأحكام
الصادرة عن القضاء المغربي ومن خلال الكتب الفقهية التي تهتم بمادة المسطرة
المدنية وأنواع التدخل هما:
_ التدخل الإنضمامي أو التبعي وهو يقتصر فيه المتدخل على مؤازرة أحد أطراف
الدعوى الأصلية ومساعدته فهذا الشخص ينضم لأحد أطراف الدعوى ويتبعه
ويساعده ولهذا يسمى بالتدخل الإنضمامي أو التبعي.
_ التدخل الهجومي هو النوع الثاني للتدخل الإرادي ويطالب من خلاله المتدخل
بحقوق لنفسه ويأخذ فيه المتدخل صفة المدعي ويحق له أن يقدم من جانبه طلبات
مستقلة عن أطراف الدعوى الأصلية.
أ_ التدخل الإرادي الإنضمامي:
هو التدخل الدي لا يضيف أي طلب جديد إلى الدعوى الأصلية وإنما يقتصر
المتدخل فيه على الانضمام لأحد الطرفين لمؤازرته ودعم موقفه.
مثال: أن يتدخل بائع عقار لمساندة مشتري هذا العقار الذي طالبه جاره بحق ارتفاق
مرور على العقار المبيع فهنا بائع العقار يتقدم بطلب تدخل انضمامي لكي ينضم
للمشتري وذلك من أجل مؤازرته ومساعدته.
مثال 2 : تدخل دائني المتقاسم المعسر في دعوى القسمة لمؤازرة مدينهم فهنا الأمر
يتعلق بدائنين هم الذين يتقدمون بطلب تدخل في دعوى القسمة المرفوعة ونجد
بكون أن هذه الدعوى من أطرافها هذا الشخص المتقاسم الذي يعتبر مدينا لهؤلاء
الدائنين وهذا المثال نصت عليه مقتضيات الفصل 1085 من قانون الالتزامات
والعقود.
- سؤال: ما هي شروط التدخل الإرادي الانضمامي؟
شروط التدخل الإرادي الانضمامي هي نفسها الشروط التي تطرقنا إليها على
مستوى القواعد العامة المشتركة لتقديم الطلبات العارضة وهذه الشروط واردة في
المقتضيات المنضمة للتدخل الإرادي في إطار الفصول من 111 إلى 118 من
قانون المسطرة المدنية.
- سؤال: ما هي الأثار المترتبة عن التقدم بطلب التدخل الإرادي الانضمامي؟
الأثار التي تترتب عن التقدم بطلب التدخل الإرادي الانضمامي هي كالآتي:
_ المتدخل يأخذ صفة الطرف الذي انضم إليه مدعيا كان أو مدعيا عليه بمعنى أن
المتدخل الذي هو ذلك الشخص الثالث إذا تقدم بطلب التدخل لكي ينضم إلى المدعي
في الدعوى الأصلية فإنه يأخذ صفة المدعي وإذا تقدم شخص ثالث بطلب للتدخل
في الدعوى الأصلية لكي ينضم ويؤازر المدعي عليه في الدعوى الأصلية فإنه يأخذ
صفة المدعى عليه.
المتدخل عليه أن يتبنى مطالب الطرف الذي انضم إليه باعتباره طرف تابع.
المتدخل عليه أن يتخذ نفس المواقف التي يتخذها الطرف الذي انضم إليه.
- مثال: نفترض أن الطرف الأصلي تنازل عن الدعوى أو تصالح مع خصمه فإن
المتدخل بدوره عليه أن يتخذ نفس الموقف.
ب_ التدخل الإرادي الهجومي:
هو دعوى جديدة بمعنى طلبات جديدة فهو عكس التدخل الإرادي الانضمامي.
فالتدخل الإرادي الهجومي هو دعوى جديدة سمح القانون بتقديمها في صورة طلب
عارض إذ أنها تتضمن ادعاء جديد صادر من شخص ثالث ضد أحد طرفي الدعوى
الاصلية مدعي أو مدعى عليه أو ضدهما معا.
مثال: التدخل في دعوى استحقاق عقار للمطالبة بالحكم لفائدته بملكية العين المتنازع
على ملكيتها بين الخصمين الأصليين.
مثال 2 : التدخل في دعوى القسمة للمطالبة بملكية العين المطلوب قسمتها.
-سؤال: ما هي شروط تقديم التدخل الإرادي الهجومي؟
شوط تقديم التدخل سواء الانضمامي أو الهجومي فهي نفسها الشروط التي تطرقنا
إليها في القواعد العامة المشتركة لتقديم جميع الطلبات العارضة.
- سؤال: ما هي الأثار المترتبة عن التقدم بطلب التدخل الإرادي الهجومي؟
أثار التدخل الإرادي الهجومي متعددة وهي كالآتي:
_ المتدخل الهجومي يصبح خصما في الدعوى لكلا الأطراف المدعي والمدعى
عليه في الغالب.
_ المتدخل الهجومي يأخذ دائما صفة المدعي في الدعوى لأنه يتقدم بادعاء جديد
ويطالب بحقوق جديدة لنفسه.
_ المتدخل الهجومي لا يتأثر بموقف أطراف الدعوى الأصلية فهو سيد موقفه حيث
يحق له أن يتنازل أو يتصالح أو يطعن في الحكم الصادر بشكل مستقل عن
الأطراف الأصلية وهذا على خلاف المتدخل المنضم الذي ليس له مواقف مستقلة
فهو يتبع الطرف الذي انضم إليه.
- ثانيا: طلب الإدخال( التدخل الجبري أو التدخل الإجباري)
هذا النوع من التدخل يتم بناء على أمر من المحكمة توجهه لشخص ثالث من تلقاء
نفسها وتجبره على الدخول في الدعوى لذلك يسمى بالتدخل الجبري أو الإجباري
وممكن أن يتم بطلب من أحد أطراف الدعوى الأصلية.
والإدخال أو التدخل الجبري ينقسم إلى نوعين:
1 _ الإدخال بناء على أمر من المحكمة:
الإدخال بناء على أمر من المحكمة من أهم صوره وأمثلته ما هو وارد في إطار
الفصل 115 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه "يستدعي القاضي بمجرد
علمه بوفاة أحد الأطراف أو بتغيير وضعيته بالنسبة إلى الأهلية سواء شفويا أو
بإشعار يوجه وفق الشروط المنصوص عليها في الفصول 37 ، 38 ، 39 من لهم
الصفة في مواصلة الدعوى للقيام بذلك إذا لم تكن الدعوى جاهزة للحكم."
انطلاقا من مقتضيات هذا الفصل نفهم أن الإدخال بناء على أمر من المحكمة يتم في
حالات معينة وهذه الحالات هي:
_ حينما تعلم المحكمة بوفاة أحد أطراف الدعوى الأصلية.
_ في حالة تغيير وضعية أحد أطراف الدعوى الأصلية بالنسبة للأهلية.
مثال: أحد أشخاص الدعوى الأصلية حينما رفع الدعوى كان في كامل قواه العقلية
وبعدما رفع الدعوى الأصلية فقد عقله فهنا السيد القاضي عليه أن يستدعي شخص
ثالث ويدخله في الدعوى الأصلية وهذا الشخص الثالث هو الذي تكون له الصفة
لكي يتم مواصلة الدعوى.
2 _ الإدخال بناء على طلب من الخصوم:
بالنسبة للإدخال بناء على طلب من الخصوم يكون في معظم الحالات بمعنى يكون
أكتر من النوع الأول وقانون المسطرة المدنية تضمن العديد من حالات التدخل
الجبري بناء على طلب من أحد الخصوم وأهم هذه الحالات:
_ حالة إدخال الضامن أو ما يسمى بدعوى الضمان الفرعية فهذه الأخيرة هي التي
يقوم فيها المدعى عليه بإدخال الغير طرفا في الدعوى بصفته ضامنا.
- مثال: المشتري المتضرر من البضاعة فهنا المشتري يرفع دعوى ضد البائع
ويطالبه بالتعويض عن الأضرار اللاحقة به تم بعد ذلك يطلب المدعي عليه (البائع)
بإدخال من باع له تلك البضاعة كضامن له بمعنى البائع هنا هو من يطلب إدخال
شخص ثالث كضامن له وهذا الشخص هو الذي باع للبائع تلك البضاعة وهنا
الشخص الثالث سيكون مجبرا لدخول الدعوى وذلك لتحمل المسؤولية كضامن
للعيب المتواجد في البضاعة والمستفيد هنا هو البائع لأنه بمقتضى إدخال شخص
ثالث في نفس الدعوى سيجعل البائع الأول هو من يدفع مبلغ التعويض وبالتالي
سيتحرر من تحمل المسؤولية كما أن البائع سيستفيد فبدلا من رفع دعوى مستقلة
ضد البائع الأول يمكن للبائع الثاني إدخاله في الدعوى كضامن له.
المشرع المغربي نظم دعوى الضمان الفرعية بموجب الفصول من 103 إلى 107
من قانون الالتزامات والعقود وقد نص على مجموعة من القواعد في إطار تنظيمه
لدعوى الضمان الفرعية.
الفصل الثاني: الدفوع
_ المقصود بالدفوع:
الدفوع هي مختلف وسائل الدفاع التي يستعملها أحد الأطراف في الدعوى (المدعى
عليه) لرد ادعاء خصمه أو تأخير البيت أو تجنب الحكم له به.
الدفوع هي وسيلة يستعملها المدعي عليه لرد ادعاء خصمه بمعنى لرد طلب
المدعي أو لكي لا يتم الاستجابة للطلب الذي تقدم به المدعي أو يكون الهدف من
الدفع هو أن يتم تأخير البت في ذلك الطلب الدي تقدم به المدعي وهدف المدعي
عليه من الدفوع أساسا هو أن يتجنب استجابة المحكمة لطلب المدعي من قبل
القضاء.
الدفوع هي وسيلة يتخذها المدعى عليه ويكتفي فقط من خلالها بالدفاع عن نفسه
لتجنب الحكم عليه أي لتجنب أن تبت المحكمة وفق طلبات المدعي بمعنى أن
المدعي ليس في موقع هجوم كما في الطلبات المضادة فهو في موقع دفاع فقط فهو
لا يريد أن يأخذ من المدعي شيئا لنفسه أي يحصل على مزايا لنفسه هو فقط يريد أن
يدفع عنه الاستجابة لطلب المدعي.
إذن الفرق بين الدفوع والطلبات العارضة أن الدفوع هي مجرد وسيلة من وسائل
الدفاع يملكها أحد الخصوم لتفادي مطالب خصمه على خلاف الطلبات العارضة
وبالتحديد الطلبات المقابلة (الطلبات الجوابية أو المضادة) فالمدعي عليه في إطار
الطلبات المضادة لا يكتفي باتخاذ موقف دفاع وإنما يتخذ طريقا هجوميا يسعى من
خلاله إلى الحكم على المدعي بالاستجابة لطلبه المضاد أما المدعي عليه في نظام
الدفوع هدفه فقط ألا تتم استجابة المحكمة لطلب المدعي.
المبحث الأول: الدفوع الشكلية
المطلب الأول: تعريف الدفوع الشكلية
_ الدفوع الشكلية تسمى كذلك بالدفوع الإجرائية وهي الدفوع التي تنصب على
إجراءات الدعوى وشكلياتها دون مساس بجوهر الحق المدعي به ودون المساس
بحق الخصم في إقامة الدعوى.
وسميت بالدفوع الشكلية والإجرائية لأن هدا الدفع الإجرائي يتعلق بإجراءات
الدعوى أي يتعلق بالجانب الاجرائي والشكلي في الدعوى بمعنى أن هذه الدفوع
الشكلية لا علاقة لها بجوهر الحق المدعى به ولا علاقة بها بجوهر النزاع ولا
علاقة لها بحق الخصم في إقامة الدعوى.
_ الدفوع الشكلية هي الوسائل التي يستعين بها الخصم(المدعى عليه) ويطعن
بمقتضاها في صحة إجراءات الخصومة فيتفادى بها مؤقتا الحكم عليه بمطلوب
خصمه.
بمعنى أن المدعى عليه بموجب الدفوع الشكلية يطعن في صحة إجراءات الدعوى
دون أن يتعرض لأصل الحق أي أنه لا يطعن في جوهر الحق ولا يطعن في جوهر
وموضوع الدعوى الدي يزعمه خصمه وإنما هو يطعن في صحة إجراءات الدعوى
والمدعي عليه حينما يتقدم بهذا الدفع الشكلي فإن هدفه من ذلك أن يتفادى ولو بشكل
مؤقت لأن يحكم عليه بما يطلبه المدعي.
المشرع المغربي أجاز هذا النوع من الدفوع لأن المشرع المغربي هو بالأساس
أحاط عملية التقاضي (عملية رفع الدعوى) بإجراءات وشكليات خاصة بمعنى أن
المدعي إذا رفع الدعوى ولكنه لم يحترم إجراءات الدعوى وشكلياتها فإن المشرع
المغربي خول للمدعي عليه إمكانية الطعن في ذلك باستخدام الدفوع الشكلية أو
الإجرائية.
- سؤال: هل احترام هذه الشكليات وهذه الإجراءات هي هدف بحد ذاته؟
المشرع المغربي حينما نص على إجراءات معينة في رفع الدعوى فإن الهدف أكبر
من مجرد احترام تلك الشكليات فالهدف هو أن يتم احترام تلك الشكليات لضمان
حقوق المتقاضين والذين عليهم احترام تلك الشكليات وكذلك المحكمة بدورها
يتوجب عليها ذلك.
المطلب الثاني: أنواع الدفوع الشكلية
المشرع المغربي نص على مجموعة من الأنواع للدفوع ولكن يسهل حصرها على
خلاف الدفوع الموضوعية ومن أهم الدفوع الشكلية:
1 _ الدفع بالبطلان.
2 _ الدفع بالإحالة.
3 _ الدفع بالضم.
4 _ الدفع بالتوقف عن البت.
5 _ الدفع بعدم الاختصاص.
الفقرة الأولى: الدفع بالبطلان
الدفع بالبطلان نص عليه المشرع في الفقرة الأخيرة من الفصل 49 من قانون
المسطرة المدنية التي ورد فيها "يسري نفس الحكم بالنسبة لحالات البطلان
والاخلالات الشكلية والمسطرية التي لا يقبلها القاضي إلا إذا كانت مصالح الطرف
قد تضررت فعلا"
من خلال مقتضيات هذه الفقرة نفهم أنه في حالة عدم احترام شكليات معينة المشرع
أجاز للمدعي عليه أن يستخدم هذا النوع من الدفوع وهو الدفع بالبطلان.
والبطلان هو جزاء قانوني يقره المشرع نتيجة مخالفة إجراء شكلي الذي يجب أن
يتم احترامه في رفع الدعوى.
-مثال: الدفع ببطلان المقال الافتتاحي للدعوى الذي تقدم به المدعي وذلك لعدم
مراعاته لمقتضيات الفصلين 31 و 32 من قانون المسطرة المدنية كعدم تضمين
المقال الافتتاحي البيانات الضرورية الواجب توفرها في المقال وفي هذه الحالة
المدعى عليه يحق له أن يتقدم بالدفع ببطلان ذلك المقال الافتتاحي وإذا استجابت
المحكمة لهذا الدفع فإنه يترتب جزاء قانوني الذي هو بطلان ذلك المقال الافتتاحي.
-مثال 2 : أن يتقدم المدعي عليه بالدفع ببطلان استدعاء الحضور أو بطلان التبليغ
وهده الصورة من صور الدفع بالبطلان نفهمها من مقتضيات الفصل 40 من قانون
المسطرة المدنية.
الفقرة الثانية: الدفع بالإحالة
الدفع بالإحالة يعتبر من الدفوع الشكلية وهو الذي يمارس عندما ترفع نفس الدعوى
أمام محكمتين كلاهما مختصتين للنضر في تلك الدعوى ولإثارة الدفع بالإحالة
يشترط أن تتوافر الدعوى الأولى والثانية على وحدة الموضوع ووحدة السبب
ووحدة الأطراف بمعنى أن المدعي عليه الذي يحق له استخدام هذا الدفع يجب عليه
أن يتأكد من كون أن الدعوى التي رفعت مرتين هي نفس الدعوى وذلك بالتأكد من
وحدة الموضوع ووحدة السبب ووحدة الأطراف بمعنى أن تكون دعوى واحدة
بعناصر موحدة رفعت مرتين أمام القضاء.
وقد نص على الدفع بالإحالة مقتضيات الفصل 109 من قانون المسطرة المدنية
الذي ورد فيه "إذا سبق أن قدمت دعوى لمحكمة أخرى في نفس الموضوع أو إذا
كان النزاع مرتبطا بدعوى جارية أمام محكمة أخرى أمكن تأخير القضية بطلب من
الخصوم أو من أحدهم."
ويقصد بالدفع بالإحالة أن المعني بالأمر الدي هو المدعى عليه يتقدم بهذا الدفع
بالإحالة أمام المحكمة التي رفعت أمامها الدعوى الثانية يطلب منها إحالة هذه
الدعوى أمام المحكمة التي رفعت أمامها الدعوى أولا.
- مثال: أن يرفع المدعي دعوى عقارية أمام المحكمة التي يوجد في دائرتها موقع
العقار ولكن هذا المدعي دهب بعد دلك ورفع نفس الدعوى وبنفس العناصر أمام
المحكمة التي يوجد بدائرتها موطن المدعي عليه وفي هذه الحالة نجد بكون أن
الاختصاص هو لكلا المحكمتين لكن لا يعقل أن يرفع المدعي نفس الدعوى أمام
محكمتين وما دام أنه رفع نفس الدعوى أمام محكمتين فهذا يخول للمدعى عليه أن
يستخدم الدفع بالإحالة.
- سؤال: هل الدفع بالإحالة من النظام العام؟
بالرجوع إلى الفصل 109 من قانون المسطرة المدنية الذي نص على الدفع بالإحالة
يتضح لنا بأن الدفع بالإحالة ليس من النظام العام لأن المشرع استخدم عبارة أمكن
تأخير القضية بطلب من الخصوم أو من أحدهم ومن خلال هذه العبار ة نفهم بأن
المشرع خول فقط للخصوم إمكانية إثارة الدفع بالإحالة ولم يخول تحريك هده
الإمكانية للمحكمة من تلقاء نفسها.
+ قاعدة هامة:
إذ نص المشرع على إمكانية إثارة ذلك الدفع من المحكمة أو القاضي من تلقاء نفسه
فإن هذا يعني أن هذا الدفع من النظام العام ويقصد بهذه العبارة الأخيرة أنه لا يتم
انتظار تقديم طلب في هذا الشأن فالمحكمة يحق لها أن تثير هدا الدفع من تلقاء
نفسها لأن المسألة تعتبر من قبيل النظام العام ولكن إذا وجدت مقتضيات قانونية تفيد
أن الأمر يتوقف فقط بناء على طلب من الأطراف فهذا يعني أن المسألة ليست من
النظام العام أي أن الدفع ليس من النظام العام.
الفقرة الثالثة: الدفع بالضم
الدفع بالضم يمارس حينما ترفع دعويين أو أكتر يقوم بينهم ارتباط أمام نفس
المحكمة أو أمام محكمتين.
وعلى خلاف الدفع بالإحالة فإنه في الدفع بالضم الأمر يتعلق بدعويين ليست لديهم
وحدة العناصر وإنما بينهما ارتباط وقد نص على هذا الدفع الفصل 110 من قانون
المسطرة المدنية الذي ورد فيه "تضم دعاوى جارية أمام محكمة واحدة بسبب
ارتباطها بطلب من الأطراف أو من أحدهم وفقا لمقتضيات الفصل 49 ".
ويشترط في الدفع بالضم شروط معينة أي أنه لإثارة الدفع بالضم لابد أن تتوفر
شروط معينة وهي:
_ يجب إثارته من قبل الأطراف أو أحدهما وهو نفس الشرط المتوافر في الدفع
بالإحالة.
_ يجب أن تكون الدعاوى المرفوعة مرتبطة ببعضها وهذا على خلاف الدفع
بالإحالة الذي يتعلق فيها الأمر بنفس الدعوى.
أهداف الدفع بالضم هي تقريبا نفس أهداف الدفع بالإحالة وهي:
_ حسن سير العدالة ويقصد به عدم إرهاق السادة القضاة وتفادي إهدار الموارد
المالية وأن يتم تفادي صدور أحكام متناقضة.
_ الفصل في تلك الدعاوى بحكم واحد.
وهي نفس الأهداف الواردة في إطار الدفع بالإحالة غير أن الأمر فيما يخص الدفع
بالضم أننا نقوم بضم دعويين أو أكتر يوجد بينهما ارتباط ولكن بالنسبة للدفع
بالإحالة يتعلق الأمر بنفس الدعوى لديها بنفس عناصرها ويجب أن تنضر فيها
محكمة واحدة فقط.
- سؤال: هل الدفع بالضم من النظام العام؟
بالرجوع إلى الفصل 110 من قانون المسطرة المدنية وبما أن المشرع المغربي
اشترط أن يتقدم في شأن الدفع بالضم طلب من الأطراف أو أحدهم كما أن المشرع
لم ينص على إمكانية إثارته من المحكمة من تلقاء نفسها أو من قبل شخص أخر
لديه مصلحة غير الأطراف وإنما خول هذه الإمكانية فقط للأطراف فهذا يعني أنه
ليس من النظام العام وهذا هو موقف الفقه.
الفقرة الرابعة: الدفع بالتوقف عن البت
يقصد بالدفع بالتوقف عن البت توجيه طلب إلى المحكمة لوقف إجراءات الدعوى
ريثما يتخذ إجراء ضروري لمواصلتها.
بمعنى أن الدفع بالتوقف عن البت هو دلك الدفع الذي يتقدم به المدعى عليه إلى
المحكمة لكي تقوم المحكمة بتوقيف إجراءات الدعوى ريثما يتخذ إجراء ضروري
لمواصلتها.
- مثال: الدفع بطلب تمديد الأجل بهدف إدخال ضامن أو شخص ثالث في الدعوى.
الفقرة الخامسة: الدفع بعدم الاختصاص
الدفع بعدم الاختصاص هو الدفع الذي يتمسك به ويتيره أحد الخصوم لعدم
اختصاص المحكمة المعروض عليها النزاع.
- مثال: قيام مدعي رفع دعوى أمام محكمة غير مختصة نوعيا أو محليا فإن المعني
بالأمر يحق له الدفع بعدم اختصاص تلك المحكمة.
المطلب الثالث: خصائص الدفوع الشكلية
الفقرة الأولى: الخاصية الأولى
نصت عليها مقتضيات الفصل 49 من فقانون المسطرة المدنية الذي ورد فيه "يجب
أن يثار في آن واحد وقبل كل دفاع في الجوهر الدفع بإحالة الدعوى على محكمة
أخرى لتقديمها أمام محكمتين مختلفتين أو لارتباط الدعويين والدفع بعدم القبول وإلا
كان الدفعان غير مقبولين.
يسري نفس الحكم بالنسبة لحالات البطلان والاخلالات الشكلية والمسطرية التي لا
يقبلها القاضي إلا إذا كانت مصالح الطرف قد تضررت فعلا."
ويفهم من خلال قراءة هذه المقتضيات أن الدفوع الشكلية يجب تقديمها قبل كل دفاع
في الجوهر بمعنى يجب التقدم بالدفوع الشكلية قبل تقديم الدفع الموضوعي وإلا
سقط الحق في ممارستها.
- مثال: تم التقدم بالدفع الموضوعي فإنه لا يمكن بعد ذلك التقدم بالدفع الشكلي حيت
يكون المعني بالأمر قد فاته الأوان.
والبت أولا في قانونية إجراءات الدعوى أي البت أولا في الدفوع الشكلية قبل
الانتقال إلى البت في موضوعها يرجع إلى مجموعة من الاعتبارات وهي:
_ ألا يضل أحد الأطراف مهددا ببطلان إجراء قام به إلا حين قفل باب المرافعة
بمعنى أنه المفروض التحقق أولا من سلامة الإجراءات تم الانتقال ثانيا للفصل في
الموضوع.
_ إثارة الدفع الشكلي بعد المناقشة في موضوع الدعوى أي بعد الدفاع في الجوهر
هو بمثابة تنازل وتخلي عن إثارة الدفوع الشكلية.
+ قاعدة هامة:
الدفع الشكلي المتعلق بالدفع بعدم الاختصاص المحلي أو النوعي ينفرد بقاعدة
خاصة وهي أنه يجب الإدلاء به قبل باقي الدفوع الشكلية وهذا ما نصت عليه
مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية التي ورد فيها
"يجب على الأطراف الدفع بعدم الاختصاص النوعي أو المكاني قبل كل دفع أو
دفاع."
والمشرع أجب على من يثير الدفع بعدم الاختصاص النوعي أو المكاني أن يبين
المحكمة التي يجب أن ترفع أمامها الدعوى وإلا كان طلبه غير مقبول وهذا ما
نصت عليه كذلك مقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية.
الدفع بعدم الاختصاص لا يمكن إثارته في مرحلة الاستئناف إلا بالنسبة للأحكام
الغيابية وهذا ما نصت عليه مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 16 من قانون
المسطرة المدنية.
- سؤال: هل الدفع بعدم الاختصاص من النظام العام؟
نعم يعد هذا الدفع من النظام العام لأن المشرع خول للقاضي إثارة عدم الاختصاص
تلقائيا دون طلب من الأطراف.
الفقرة الثانية: الخاصية الثانية
الحكم الذي يصدر بقبول الدفع الشكلي يتميز بكونه يحوز حجية الأمر المقضي
بالنسبة لمسألة الدفع الشكلي فقط دون أن تتعداه إلى جوهر الحق المطالب به بمعنى
أن ذلك الحكم الذي يستجيب للدفع الشكلي يتمتع بحجية الأمر المقضي ولكن فقط
فيما يخص الجانب المتعلق بالدفع الشكلي ولا تحوز حجية الأمر المقضي بالنسبة
لما يتعلق بجوهر الحق المطالب به.
المبحث الثاني: الدفوع الموضوعية
المطلب الأول: المقصود بالدفوع الموضوعية
_ الدفوع الموضوعية وتسمى كذلك بالدفوع في الجوهر لأنها دفوع لا علاقة لها
بالإجراءات وإنما تتعلق بذات الحق المدعى به.
بمعنى أنها تسمى بالدفوع في الجوهر لأنها تهتم بموضوع وجوهر الدعوى أي أنها
تهتم بذلك الحق الذي هو موضوع الدعوى فهي تهتم بالمضمون ولا تنصب على
إجراءات وشكليات الدعوى بل تنصب على أصل الحق.
_ الدفوع الموضوعية هي التي توجه ضد المدعي وتنصب على موضوع طلبه
بهدف نسف ادعائه وحتى لا يقضى لفائدته.
بمعنى أن الدفوع الموضوعية هي التي توجه ضد المدعي من قبل المدعى عليه
وتنصب على موضوع طلب المدعي والهدف من ذلك هو نسف ذلك الادعاء ولكي لا
يتم الاستجابة لطلب المدعي.
والدفوع الموضوعية تنصب على موضوع طلب المدعي ولا تنصب على إجراءات
وشكليات طلب المدعي.
+ قاعدة هامة:
إذا كان الدفع الذي تقدم به المدعى عليه انصب على موضوع وجوهر الدعوى فهو
يعتبر دفع موضوعي وأما إذا انصب هذا الدفع على شكلية من شكليات الدعوى أو
إجراء من إجراءاتها فهو يعتبر دفع شكلي.
والدفوع الموضوعية يصعب حصرها لأنها عديدة كون أن الحقوق التي يتم المطالبة
بها بدورها هي عديدة ولكن فيما يخص الدفوع الشكلية فهي ممكن حصرها ومن
أمثلة الدفوع الموضوعية:
- مثال: أن يتقدم المدعى عليه بدفع ببراءته من الدين ويستند في ذلك إلى سبب من
أسباب انقضاء الالتزام فهذا الدفع انصب على موضوع الدعوى الذي هو المطالبة
بدين.
- مثال 2 : الدفع بتحقيق الخطوط.
المطلب الثاني: خصائص الدفوع الموضوعية
_ الدفوع الموضوعية تهدف إلى تفادي الحكم للمدعي بما يطلب دون أن يكون
الهدف منها حصول المدعى عليه على مزية معينة.
بمعنى أن هدف المدعى عليه هو أن يدفع عنه ما يطلبه منه المدعي فهو لا يطلب
حق معين بخلاف الطلبات.
_ تتميز بقابلية الإدلاء بها إلى حين قفل باب المرافعة وكذلك بقابلية الإدلاء بها بعد
قفل باب المرافعة وهذا على خلاف الدفع الشكلي الذي لا يمكن إثارته بعد قفل باب
المرافعة.
- مثال: الدفع الذي يتعلق بإثارة واقعة تعذر إثارتها قبل قفل باب المرافعة لسبب
خارج عن إرادة الأطراف.
للاستفادة من تقديم الدفع الموضوعي بعد قفل باب المرافعة يجب على المدعى عليه
الحصول على موافقة المحكمة بإعادة فتح المرافعة من جديد بقرار معلل وهذا ما
نصت عليه الفقرة الأخيرة من الفصل 335 من قانون المسطرة المدنية.
نفهم من هذا بأن الدفوع الموضوعية يجوز الإدلاء بها في جميع مراحل الدعوى بل
يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة الدرجة الثانية وهذا على عكس الدفوع الشكلية
التي يجب أثارتها قبل قفل باب المرافعة.
_ يصعب حصر الدفوع الموضوعية نضرا لتعدد الحقوق بخلاف الدفوع الشكلية
التي يمكن عدها وحصرها في غالب الأحيان.
_ تتميز الدفوع الموضوعية بطبيعة الحكم الصادر بقبولها بمعنى أن الحكم الصادر
بقبول الدفوع الموضوعي يتميز بطبيعة تختلف عن طبيعة الحكم الصادر بقبول
الدفوع الشكلية.
فالدفوع الموضوعية إذا تمت الاستجابة لها فإن الحكم الصادر بقبولها يكون حائز
لحجية الشيء المقضي وتعتبر الدعوى هنا قد فصل فيها قطعيا ولكن بالنسبة للدفوع
الشكلية فصحيح أن الأمر الصادر بقبولها يحوز حجية الشيء المقضي ولكن فقط
على مستوى الدفع الشكلي ولا يمتد إلى جوهر الدعوى كما أنه بالنسبة للدفع الشكلي
إذا تم الاستجابة له فلا تعتبر قد تم الفصل فيها قطعيا لأن الدفع يتعلق فقط بإجراءات
الدعوى ولم يتم الخوض بعد في جوهر الحق.
وبما أن الدفوع الموضوعية الحكم الصادر بقبولها يحوز قوة الشيء المقضي فإنه لا
يجوز للمدعي أن يرفع نفس الدعوى من جديد أمام القضاء سواء أمام المحكمة التي
أصدرت الحكم أو أمام محكمة أخرى من نفس الدرجة.
_ الحكم الصادر في الدفوع الموضوعية هو حكم موضوعي لأنه يفصل في
موضوع وجوهر الدعوى.
المبحث الثالث: الدفوع بعدم القبول
المطلب الأول: المقصود بالدفوع بعدم القبول
الدفع بعدم القبول ينصب على الحق في ممارسة الدعوى بمعنى أن صاحب هذا
الدفع يهدف إلى إنكار سلطة المدعي في استعمال الدعوى لتخلف شرط من شروطها
وهم الصفة والأهلية والمصلحة ثم الإذن بالتقاضي إن كان ضروريا أو انصرام
أجل الدعوى أو سبق الفصل فيها بحكم حائز لحجية الشيء المقضي به.
الدفع بعدم القبول مرتبط بما يلي:
_ مرتبط بالحق في ممارسة الدعوى أو أنه يتعلق بإنكار المدعى عليه لسلطة
المدعي في ممارسة الدعوى لتخلف شرط من شروطها.
_ يتعلق بانصرام أجل الدعوى.
_ ينصب على سبق الفصل فيها بحكم حائز لحجية الأمر المقضي به.
ونص على هذا النوع من الدفوع الفصل 49 من قانون المسطرة المدنية الذي ورد
فيه "يجب أن يثار في آن واحد وقبل كل دفاع في الجوهر الدفع بإحالة الدعوى على
محكمة أخرى لتقديمها أمام محكمتين مختلفتين أو لارتباط الدعويين والدفع بعدم
القبول وإلا كان الدفعان غير مقبولين.
يسري نفس الحكم بالنسبة لحالات البطلان والاخلالات الشكلية والمسطرية التي لا
يقبلها القاضي إلا إذا كانت مصالح الطرف قد تضررت فعلا."
ويستفاد من هذا الفصل بأن المشرع ألزم بتقديم الدفوع بعدم القبول في بداية
المسطرة وقبل كل دفاع في الجوهر وهنا نفهم بأن المشرع يساوي بين الدفوع
الشكلية والدفع بعدم القبول من حيت توقيت تقديمها.
المطلب الثاني: خصائص الدفوع بعدم القبول
_ الدفع بعدم القبول لا ينصب على جوهر الدعوى أي لا ينصب على حق الدعوى.
_ الدفع بعدم القبول لا ينصب على شكليات الدعوى أي لا ينصب على إجراءات
الدعوى ومسطرتها.
_ ينصب الدفع بعدم القبول على تخلف شرط من شروط ممارسة الدعوى بمعنى أن
المدعى عليه الذي يستخدم هذا الدفع فهو يطلب من المحكمة عدم قبول دعوى
خصمه لعدم توافر شروط الادعاء له.
_ ينصب الدفع بعدم القبول على انصرام أجل الدعوى بمعنى أن المدعي عليه الذي
يستخدم هذا الدفع فهو يطلب من المحكمة عدم قبول دعوى خصمه لانصرام وفوات
الأجل المقرر قانونا لممارسة الدعوى.
_ ينصب الدفع بعدم القبول على سبق الفصل في الدعوى بحكم حائز لقوة الشيء
المقضي بمعنى أن المدعي عليه الذي يستخدم هذا الدفع فهو يطلب من المحكمة عدم
قبول دعوى خصمه لأنه سبق للقضاء أن فصل في تلك الدعوى بحكم حائز لقوة
الشيء المقضي به.
_ من خصائص الدفوع بعدم القبول إلزامية تقديمها في بداية المسطرة وقبل كل
دفاع في الجوهر وهي هنا تتفق مع الدفوع الشكلية.
_ الدفوع بعدم القبول تنهي النزاع ولا يجوز عرضه مرة أخرى أمام القضاء لأنه
يكون قد حاز الحكم الذي استجاب لتلك لدفوع بعدم القبول حجية الشيء المقضي به
وهي هنا تتفق مع الدفوع الموضوعية.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق